الزمن يتغير ونحن لا نتغير، ولا نقلع عن عادة محاولة إحراز الأهداف فى الوقت الضائع، فاشتد الهجوم على حزب النور بمناسبة موسم الانتخابات، وكان أمامنا وقت طويل لتفعيل مواد الدستور، بنصوص قانونية تحظر ممارسة السياسة على أساس دينى، وتمنع من المنبع الخطر الذى يهدد البرلمان المقبل، ولا تعود الممارسات السيئة للبرلمان السابق، بدخول عناصر إخوانية تحت عباءة حزب النور، والحظر ليس إقصاء، ولكنه درء للمفاسد ومنع لاستغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية، فقد اكتوينا بنار مزج الدين بالسياسة والسياسة بالدين، وتأكدنا أنه لا يجدى الالتفاف والتحايل، بعبارات مطاطة وشعارات كاذبة، لتمرير الأحزاب الدينية إلى الساحة السياسية، مثل مقولة إنها «أحزاب سياسية بمرجعية دينية»، لأن المرجعية هى قاسم مشترك لكل المصريين، وليست ميراثا لأحزاب تحتكر الأديان.
لم يعد فى الإمكان الآن إلا اللجوء للناخبين، لتفعيل «الهوية الوطنية» فى مواجهة «غزوة الصندوق»، وتحريك الجموع المترددة للإقبال على التصويت، فهم أقلية ولكن منظمة، وسيحتشدون عن بكرة أبيهم يوم الانتخابات، والأغلبية لن تصبح كذلك إلا إذا ازدحمت بهم اللجان، لأن قلة منظمة يمكن أن تغلب كثرة مبعثرة، ولا ننس قطاعات من المواطنين فى القرى والأرياف، مازالوا تحت مخدر الدعاية الكاذبة للجماعة الإرهابية، وهم بالضرورة سيصوتون لحزب النور، الذى يستغل النزعة الدينية، ليظهر فى صورة المدافع عن الإسلام، ووصف غيرهم بالعلمانيين أعداء الإسلام.
المؤكد أنها الانتخابات البرلمانية الأصعب فى تاريخ مصر، ويزيدها صعوبة عدم وجوب أحزاب قوية، تستمد شعبيها من الحضور على أرض الواقع وليس الظهور فى الفضائيات، وإذا سألت نفسك أو غيرك من ستنتخب؟ قد لا تجد إجابة عن السؤال، ورغم ذلك فقد يبزغ ضوء فى نهاية النفق، بانتخاب وجوه جديدة نجحت فى السنوات الأخيرة، فى مد جسور الثقة والتفاعل مع دوائرها الانتخابية، فيكونون نواة لتدشين حياة سياسية قوية، قوامها أحزاب حقيقية وليست كرتونية، أو حزبان مدنيان كبيران كما فى الدول الديمقراطية، يتبادلان السلطة والحكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة