تمر اليوم ذكرى ميلاد مولانا جلال الدين الرومى المولود عام 1207 منذ نحو 808عاما، والموسيقى والرقص ارتبطا بحياة الرومى وبما تركه خلفه من فن رسم طريقاً للتجلى وتحرر الروح من كل ما يُقيدها، بالإضافة إلى أنه كان متصوفاً كبيراً فكان شاعر و عاشق، رسم طريقاً للعشق الإلهى يمشى فيه المريدون من بعده للوصول إلى الله، وأكد على ذلك الطريق بتأسيسه للرقصة الصوفية الشهيرة المعروفة باسم "رقصة المولوية".
ولد جلال الدين الرومى فى بلاد فارس وانتقل فى الرابعة من عمره مع أبيه إلى بغداد، ثم سافر ا إلى بلاد كثيرة إلى أن أستقرا فى مدينة قونية التركية، وعرف جلال الدين بالبراعة فى الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، وعمل بالتدريس حتى تركه بعد وفاة أبيه وإتجه إلى سماع الموسيقى وتنظيم الأشعار وإنشادها، وكان لمؤلفاته الصوفية و تأثير كبير فى الثقافة الإسلامية، ومن أشهر كتاباته؛ الرباعيات، ديوان الغزل، المجالس السبعة رسائل المنبر، وكتاب المثنوى والذى يعتبر من أهم الكتب الصوفية الشعرية ويسميه البعض بالكتاب المقدس الفارسى وهو مجموعة من القصائد الشعرية الفارسية.
توفى جلال الدين عام 1273م ، ودفن فى مدينة قونية التركية، وبعد مماته قام أتباعه وإبنه سلطان ولد بإتباع الطريقة المولوية ورقصة الدراويش التى قد أسسها فى مدينة قونية التركية فى القرن الثالث عشر ميلادى، حيث كان الشيخ يؤمن بأن الإصغاء إلى الموسيقى والدوران حول النفس هما رحلة روحية تأخذ الإنسان فى رحلة تصاعدية من خلال النفس والمحبة للوصول إلى الكمال، والرحلة تبدأ بالدوران التى تكبر المحبة فى الإنسان فتخفت أنانيته ليجد الحق وحين يعود إلى الواقع، يعود بنضوج أكبر وممتلئ بالمحبة ليكون خادما لغيره من البشر دون تمييز أو مصلحة ذاتية.
وأتباع هذه الطريقة يسمون بـ"دراويش المولوية"، ويجب أن يصاحب أداءهم للرقص آيات وابتهالات وكانت حلقات الذكر المولوية تقام فى مساجد أنشأت خصيصاً لهذه الطريقة، ورقص المولوية ليس عملا أو مهنة يعمل بها وإنما هى إرث دينى واجتماعى، ويتدرج المشاركون بها فى ترتيب تفرضه الصفات والأعمار المختلفة للراقصين المولويين.
وذاعت المولوية كطريقة صوفية فى عهد الدولة العثمانية، ومنها انتقلت إلى سوريا ومصر ومنطقة البلقان وبعض البلدان الأخرى. لكن جرى التضييق على أنصار هذه الطريقة فى تركيا بعد ثورة كمال أتاتورك العلمانية، ومن ثم عادت بعدها الدولة لتسمح بتقديم عروضها بعد أن أدركت أهميتها كعامل جذب سياحى.
التفسيرات الدينية للرقصة:
وما الموسيقى إلا أزيز أبواب الجنة.
يبدأ الدراويش الرقصة بحركة دورانية تعتبر جزءا من مناجاة الخالق، ويعتبرون أن فى دورانهم تجسيدا للفصول الأربعة، وأن الصلة بين العبد وخالقه تنشأ عندما يقوم الراقص أو اللفّيف، برفع يده اليمنى إلى الأعلى وخفض اليسرى إلى الأسفل متخففا من كل شىء بقصد الصعود إلى ربه.
فالحركة الدورانية تلك يكون فيها الراقص على اتساق مع حركة الكون، ودوران الكواكب، و لحظات تأمل بهدف الوصول إلى مرحلة الكمال و كبح شهوات النفس والرغبات الشخصية عبر الاستماع إلى الله والموسيقى والتفكر فى الله.
أما الأزياء التى يرتديها الدراويش الراقصون فهى ترمز لعناصر مختلفة فى شكلها ولونها. فالأبيض يرمز للكفن، والأسود للقبر، أما القلنسوة اللباد فترمز الى شاهدة القبر، والدورات الثلاث حول باحة الرقص ترمز إلى المراحل الثلاثة فى التقرب إلى الله وهى: العلم.. الرؤية.. والوصال.
التفسيرات العلمية للرقصة
لم تقتصر رقصة المولوية على التفسيرات الدينية فقط ولكن أيضاً لها تفسيرات علمية، فهناك قانون فيزيائى يفيد بأن دوران الأرض حول نفسها يولّد طاقة تؤثر على الأشياء حولها، وبالتأمل فى الرقصة الصوفية يُمكننا تشبيه دوران الدراويش بدوران الكرة الأرضية؛ فالدرويش هو الكرة الأرضية وثوبه هو الغلاف الجوى، والطاقة الناتجة عن دورانه تؤثر فى الأشكال المختلفة التى تظهر على ثوبه من قمم بارزة وقيعان منخفضة.
موضوعات متعلقة..
"البحث عن الصقر غنّام" رواية جديدة عن دار الآداب
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مستغرب!!
الرقص والطرب والغناء،