اعتدت فى جميع مقالاتى أن أتبع رأسى دائما وأسير وراء ما أراه يتسق مع تفكيرى بل وأحتكم إلى العقل والمنطق فى كل كلمة أكتبها، ولكننى ولأول مرة أكسر هذه القاعدة وأجدنى الآن تاركاً العنان لـ«قلبى» حينما أردت الكتابة عن الدكتور عادل عدوى، وزير الصحة والسكان، فهذا الرجل لم يشعرنى ولو للحظة أنه يتعامل مع من حوله بمنطق «الوزير»، بل أراه دائما وفى كل مواقفه «الطبيب الإنسان» الذى يشعر بآلام ومعاناة البسطاء والمهمشين فى كل مكان وعلى وجه الخصوص أهالى القرى والنجوع الذين يفتقدون لأبسط حقوقهم وهى الحصول على خدمة صحية تحترم آدميتهم وتضمد جراحهم وتجفف دموعهم المنسابة على الوجوه من قسوة المرض.
هذا السلوك غير المسبوق للدكتور عادل عدوى الذى لم نره من قبل من أى وزير تولى هذا المنصب، وتلك التصرفات التى تصدر عنه والتى تفوح منها رائحة النبل الإنسانى ودماثة الخلق وقوة الشخصية الممزوجة بالطيبة جعلنى أراه فى صورة «قلب أبيض» يسير على قدمين ساقته الأقدار إلى أن يسلك الطريق الذى يستحقه فأصبح طبيبا ماهرا مشهودا له بالكفاءة فى هذا الطريق الذى اختاره لنفسه وبمحض إرادته فاستحق «جائزة السماء» التى منحها له الخالق عز وجل، تقديرًا له على هذا الإخلاص والتفانى فى العمل، فصار وزيرا مهما فى حكومة غاية فى الأهمية وسط مناخ صاغته قيادة سياسية بمهارة فى مرحلة فارقة من عمر الوطن.
نعم الدكتور عادل عدوى يمثل بحق النموذج الحى للوزير المتمكن من قدراته التى تؤهله على اقتحام المشاكل والأزمات بخطى ثابته وبرؤى واضحة وضوح الشمس بأنها تستهدف إحداث نقلة نوعية فى الخدمات الصحية التى تقدمها الدولة للمواطنين، كما أنه لم يقف عاجزًا أمام مواجهة تفشى أمراض الكبد بين أفراد الشعب وعلى وجه الخصوص المرضى بفيروس سى، وهذا يقودنا إلى الحديث عن عقار سوفالدى الذى نجح الدكتور عادل عدوى فى إدخاله مصر لعلاج هؤلاء المرضى الذين تشير إحصائية منظمة الصحة العالمية الأخيرة، إلى أن نسبة انتشار الفيروس بلغت 22 %، بما يعادل 15 مليون مواطن مصرى، وعلى الرغم من تلك الحرب الشرسة التى تعرض لها بسبب هذه الخطوة الإيجابية فإنه ظل صامدا أمام سهام النقد التى انهالت عليه من كل الاتجاهات التى كان يحركها ويقف وراءها «عصابة» من أصحاب المصالح ومحترفى الصفقات المشبوهة مع الشركات المنافسه من أجل الحصول على العمولات التى تصل إلى ملايين الدولارات.. ولكن وسط حالة من الغموض والترقب سرعان ما تمر الشهور وتتكشف الحقائق وتبدأ بشائر العلاج باستخدام سوفالدى، ويفاجأ الجميع بالنتائج الأولية المذهلة التى أبهرت الأطباء والمرضى على حد سواء، فقد جاءت النتائج المبدئية لتحاليل تم إجراؤها لعدد غير قليل من الحالات التى قامت بالفعل بصرف العبوة الثانية من العقار تشير إلى الاستجابة للعلاج بنسبة 100 % بما يؤكد نجاح العقار الجديد الذى أجرى عليه من قبل العديد من الدراسات والتجارب الإكلينيكية، وأثبتت فاعليته فى علاج النوعين الجينى الثانى والثالث، وفاقت نسبة الاستجابة الفيروسية المستديمة نسبة 90 % بالنسبة للنوع الجينى الثالث، عندما تم استخدامه جنباً إلى جنب مع عقار الريبافارين لمدة 12 أسبوعاً، وتخطت نسبة النوع الثانى 60 %، فيما أظهرت التجارب نتائج رائعة للغاية عند استخدامه على المرضى المصابين بالنوع الجينى الرابع، والذى يصيب غالبية المصريين.
ومن المميزات التى تحتسب أيضاً لعقار سوفالدى، درجة أمانه الكبيرة حيث يتسبب فى أضرار وآثار جانبية قليلة، أبرزها الصداع وهو ما يجعله يتميز على العقاقير الأخرى المستخدمة فى علاج فيروس سى والتى على الرغم من قلة فاعليتها، فإنها تتسبب فى أعراض جانبية كثيرة، تجعل الكثير من المرضى يرفضون استكمال العلاج بها.
واللافت للنظر فى إصرار الدكتور عادل عدوى على رأيه المؤيد لاستخدام عقار سوفالدى فى علاج مرضى فيروس سى، أنه جاء أيضا بمثابة الإعلان عن بدء تنفيذ خطة العمل للوقاية والرعاية والعلاج من الفيروسات الكبدية، وتوفير العلاج لجميع المرضى مع ضرورة وضع خريطة علاجية ورفع الوعى المجتمعى بالمرض، فالعلاج الجديد للمصابين بفيروس «سى» يعد ثورة فى عالم الطب فى العالم كله، حيث تصل نسبة نجاحه إلى أكثر من 90 % مقارنة بنسبة النجاح التى كانت نحو 50 % للأدوية السابقة.
والحق يقال فإننى لم أكن أعرف الدكتور عادل عدوى عن قرب من قبل ولم أكن أتوقع أن أرى شخصا على هذا النحو من المهنية والقدرة على التعامل مع الأزمات بتلك المهارة الفائقة وبهذا الاقتدار، ولكن ما إن عرضت عليه احتياجات مشروع تطوير مستشفى زفتى العام الذى قارب على الانتهاء بعد مشوار من العمل الشاق استمر منذ حوالى عامين فلم يتردد ولو للحظة فى الموافقة على تقديم كل الدعم المطلوب من وزارة الصحة بل إنه قام على الفور بالتوجيه بضرورة صرف المبالغ المتبقية من الميزانية المطلوبة لاستكمال أعمال التجهيزات الطبية وإنهاء كل متطلبات التشغيل، حيث حدد يوم 25 الشهر الجارى موعدا لبدء عمل الطاقم الطبى فى هذا المستشفى الذى كان بمثابة حلم بالنسبة لى ولأهل زفتى، خاصة أن المستشفى ظل مهملاً لأكثر من 15 عاماً بل وصل به الحال لأن أصبح يشبه المستنقع على الرغم من أنه يقع على أجمل بقعة من النيل فى محافظة الغربية.
وها هو مستشفى زفتى العام قد تحول بالفعل إلى واقع حى وإلى حقيقة «تسد عين الشمس» فبأى منطق يحاول البعض إطفاء فرحة أهالى زفتى بتلك الزيارة التى قام بها وزير الصحة لمتابعة أعمال تطوير وتحديث المستشفى، ولمصلحة من يخرج من يشكك أصلاً فى النوايا المخلصة التى تقف وراء هذا الإنجاز الكبير وغير المسبوق على مستوى المحافظة، وأين كان هؤلاء المغرضون على مدى عامين ونصف العام من السعى الدؤوب والحركة المضنية من أجل تحقيق الحلم ومن أجل تحويل المستشفى إلى أحد أفضل المستشفيات الحكومية فى المحافظة.
وهنا لا يسعنى إلا أن أقول «حسبنا الله ونعم الوكيل» فى كل من يحاول التشكيك فى هذا الصرح الطبى الرائع وفى كل من يسعى بشتى الطرق لأن يقلل من قيمة وأهمية زيارة الوزير فى هذا التوقيت الذى تم اختياره بعناية فائقة، فالوزير لم يقم بتلك الزيارة المهمة من أجل أشخاص، وإنما اختار أن يقوم بها فى مناسبة عطرة وغالية على نفوسنا جميعا، وهى يوم الاحتفال بالمولد النبوى الشريف سيد الخلق أجمعين، وغير هذا وذاك فإنه ليس غريباً أن يقوم الوزير بمتابعة مشروعات تخص قطاع الصحة فى أى مكان على أرض مصر، فى وقت نرى فيه المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، يطوف أنحاء مصر من أقصاها إلى أقصاها بشكل يومى لمتابعة المشروعات الجماهيرية، ليس هذا وحسب، بل إن الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، لم يأل جهدا صباح مساء من أجل متابعة كل ما يجرى من مشروعات فى كل مكان على أرض المحروسة، لذا فإننا أمام وزير يترجم على أرض الواقع الفكر والرؤى التى تنتهجها الحكومة التى هو أحد وزرائها المهمين ويجسد الروح التى يتسم بها ويؤمن بها رأس الدولة خاصة حينما يتعلق الأمر بمشروعات وإنجازات من أجل تخفيف العبء عن البسطاء فى القرى والنجوع والمناطق النائية.
لقد توقفت طويلاً أمام الدكتور عادل عدوى وهو يتابع مراحل تطوير المستشفى وشعرت بأننى أمام مسؤول من نوع خاص، مسؤول يعى جيدًا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، حيث يحرص على أن يتابع المشروع خطوة بخطوة ولا يترك شيئا للصدفة.. وكأن السعادة التى ارتسمت على وجوه البسطاء من أهالى زفتى فرحا بقدومه لزيارة مستشفى زفتى العام الذى تحول بالفعل إلى صرح طبى بمعنى الكلمة قد فجر بداخله تلك المشاعر الفياضه ففتح قلبه وتحدث بكلمات ممزوجة بالحب والبساطة وعدم التكلف، مؤكداً أن المواطن البسيط فى كل مكان على أرض مصر لن يظل مهمشاً ولن يتم تركه هكذا دون أن تمد له الدولة يد العون، مشيرا إلى أنه تقرر البدء فورا فى تطوير وتحديث الوحدات الصحية فى 1153 قرية من القرى الأكثر فقرًا على مستوى الجمهورية لتوفير التغطية الصحية لهؤلاء البسطاء وذلك فى إطار منظومة تنموية شاملة تتبناها القيادة السياسية تتمثل فى مشروع أشمل وأعم يستهدف فى نهاية الأمر تطوير جودة الأداء بالوحدات الصحية على مستوى الدولة، حيث توجد 5123 وحدة صحية منتشرة فى 4777 قرية بجميع محافظات مصر.. والشىء الذى يبعث على التفاؤل والشعور بالاطمئنان على مستقبل المنظومة الصحية فى تلك المناطق التى ظلت لسنوات بعيدة عن أعين المسؤولين أن تطوير تلك الوحدات، سيتمثل فى تحسين مستوى الأداء وتقديم الخدمات الطبية بصورة مميكنة تسمح بحصر الأمراض والأوبئة ومعدل الوفيات والمواليد، وذلك لأن وزارة الصحة تستهدف الوصول بخدماتها المميكنة لـ23 مليون مواطن لتفعيل نظام صحى متكامل فى كل القرى المصرية.
خلاصة القول أننا أمام نموذج لمواصفات الوزير الذى يجب أن يكون فى المرحلة الحالية التى تمر بها الدولة، فالوزير يجب أن يكون متسقا فى خطواته وفى قراراته مع النهج الذى تسير عليه الدولة التى تقوم الآن بأكبر عملية نهضة تشهدها مصر فى تاريخها الحديث والمعاصر من خلال العديد من المشروعات التنموية التى تتم فى جميع ربوع مصر.. نعم إننا أمام نموذج من الوزراء، نحن أحوج ما نكون إليه الآن، فالدكتور عادل عدوى ورث تركة مثقله بالمشاكل المزمنة والأزمات التى كانت وما تزال بمثابة حجر عثرة أمام خطواته الإصلاحية التى يقوم بها من أجل تعديل المسار فى المنظومة الصحية بالكامل، وعلى الرغم من ذلك فهو لم يضع يده على خده نادبًا حظه العاثر بسبب كثرة المشاكل من حوله، بل ازداد إصرارًا على تحقيق النجاح فنراه دائم الحركة هنا وهناك باحثا عن حلول جذرية وعاجلة لمشكلات مزمنة فى قطاعات عديدة تابعة لوزارة الصحة.
الحديث عن الدكتور عادل عدوى لا يتوقف خاصة حينما نتحدث عن إنجازاته الكثيرة وقراراته القوية وخطواته الشجاعة التى لم يتخذها إلا من أجل إرضاء الله عز وجل، فهو، وكما عرفته من قرب، «إنسان نقى» يحمل بين ضلوعه قلبا ناصع البياض يفيض بتقوى الله.. فحينما يرى مسحة حزن أو علامات «وجع» تبدو على وجه مواطن بسيط يبحث عن فرصة حقيقية للعلاج، فإنك تجده على الفور وقد تحول إلى إنسان آخر لا يرى أمامه سوى البحث عن أفضل الطرق ليحصل هذا المواطن على حقه فى العلاج بشكل آدمى قاصدا وجه الله عز وجل، معتبرا أن وظيفته الحقيقية هى تخفيف آلام المرضى، عملا بقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام «إن لله عبادا اختصهم بقضاء حوائج الناس، حببهم إلى الخير، وحبب الخير إليهم، هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة».. لذا فليس غريباً على الدكتور عادل عدوى أن نراه منحازا دائماً إلى الفقراء والبسطاء، وأن يصبح بحق الحارس الأمين على «صحة الفقراء»، فهو كان وما يزال وسيظل يعتبر نفسه واحدًا من هؤلاء الذين ذكرهم الرسول الكريم فى حديثه الشريف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة