عصام كرم الطوخى يكتب: ليس كل قرار مصيرى

نظن فى كثير من الأحيان أن اتخاذ بعض القرارات فى المواقف التى نعتقد من وجهة نظرنا أنها حاسمة، وأنها قرارات مصيرية سوف يتوقف عليها كل شىء لأنها تمثل لنا مفترق طرق، بمرور الوقت نكتشف أنها كانت قرارات عادية وليست فيها مكمن خطورة، ولكن قصور فكرنا ورؤية الأشياء على غير حقيقتها وبمنظور مخالف وغير واقعى صور عقلنا هذا الاعتقاد الخاطئ، نتيجة استنتاجات وحسابات كانت غائبة فى وقت اتخاذ القرار. يقول ريتشارد نيلسون جونز: "لكى تحقق أكبر قدر من السعادة والإشباع فى حياتك، فإنك بحاجة إلى ذخيرة من مهارات التفكير. إنك مسئول شخصيًا عن خياراتك الفكرية وعن تنمية واستخدام مهارات التفكير الملائمة عندما تواجهك مشكلات شخصية. ويمكن أن يتطلب التفكير الفعال والمستقبل الكثير من الشجاعة".

وقد يرى البعض أن التحاقه بكلية معينة قرار مصيرى وإن لم يلتحق بها سوف يخسر الكثير، بمرور الوقت يكتشف أنها لم تكن بتلك الأهمية كونه يصطدم بواقع أشد ألما وقسوة عندما يجد الكثير يحملون نفس المؤهل ولم يجدوا عملاً مناسباً، ومن التحق بوظيفة كان يظن إنها كل شيء يجد نفسه مثل الآخرين معه مجرد أداة لا أكثر ويتوقف طموحه عند حد معين، وهناك من يجد أن سعادته تتوقف على الزواج بفتاة قرر الزواج منها، وعندما يتحقق ذلك يجد العكس كونه لم ير الشىء إلا من جانب واحد ولم يقدر مسئولية الزواج .
قد يرجع ذلك كوننا نرى الأشياء برؤية غير واضحة لأننا بطبعنا عاطفيين وكثير من القرارات العاطفية تؤدى غالباً إلى نتائج غير صحيحة لأنها تكون قرارات وقتية .

ليس كل قرار نتخذه يكون الأفضل ولكن نبحث وسط خيارات متاحة لدينا وعديدة ما يوافق رغباتنا والأصلح لنا، وليس كل قرار سوف يحقق لنا ما نريده، ولكنها محاولات فى حدود المتاح لنا وفق قدرات وطاقات محدودة بفكر يوافق الحدث نفسه وفى وقته ولكن بمرور الوقت باتساع أفقنا ورؤيتنا للحياة نجد أن النجاح لا يتوقف على شىء بعينه، ولكن هناك حلول أخرى متاحة لم نكن نملك النظرة الثاقبة والواعية فى تلك الفترة، وإن كانت واضحة من تجارب الآخرين من حولنا والتى تكشف الضوء عن العديد من الأمور التى قد تعين فى اتخاذ القرار ولكنها ليست كل شىء .

أصعب اللحظات فى حياتنا بالفعل عندما تأتى لحظة لابد أن نتخذ فيها قرار والمشكلة ليست فى كون القرار فى محله أو خطأ المهم عدم تكرار الخطأ حتى نجنى نتائج أفضل مما سبق لذلك ضرورى جدا جمع المعلومات فيما تريد أخذ القرار فيه بدقه والوصول إلى رؤية شاملة بعد تحليلات واحتمالات ممكنة، واستنتاجات لما قد يحدث من اتخاذ القرار وما قد يحدث من خسائر متوقعة، حتى يكون قرارنا سليمًا.