طبول معركة انتخابات البرلمان تُقرع مبكرًا فهو الأخطر بتاريخ مصر المعاصر، ليس فقط بسبب صلاحياته الدستورية الواسعة، ولكن لأنه يستكمل «خريطة الطريق» إيذانًا بانطلاق مسيرة «الجمهورية الجديدة» وتراود آمال الفوز شرائح جديدة من شتى المشارب، وتبدو ملامح تركيبته غامضة، فلابد أن يكون متناغمًا مع المسار السياسى لتُبحر سفينة الوطن من دون أزمات، فلدينا تحديات جسام على كل الأصعدة، هذا المشهد الضبابى بشأن ضوابط الترشح مازال موضع دراسة اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، خاصة ما يتعلق بموقفها من الأحكام التى تصدر من القضاء الإدارى تباعا، كإلزام المرشحين بإجراء الكشف الطبى، الأمر الذى يسود اتفاقا بين شتى القوى السياسية، لأنه يصب بمصلحة الشعب ويحول دون عودة «بهلوانات البرلمان» والمرضى النفسيين، لكن منظمات حقوقية اعتبرتها مسألة مشوبة بعوار دستورى، فلا يجوز إضافة شرط للقانون بحكم قضائى، لأنه يخرج عن نطاق اختصاص القضاء الإدارى، ولم ينص عليه قانون الانتخابات البرلمانية.
وفضلاً عن السجال القانونى فإن تحديد مبلغ يصل لستة آلاف جنيه كرسوم لإجراء الكشف الطبى للمرشحين، فضلاً عن مبلغ التأمين، أمر شاق على قطاعات مهمة من الفئات المهمشة التى حددها الدستور، خاصة شريحة الشباب التى يجب مساعدتها للتمثيل البرلمانى، وينبغى اتخاذ إجراءات للتسهيلات ولا تعوقها القيود المالية، وهناك مخاوف مشروعة من أن قانون الانتخابات الحالى سيعيد النظام القديم، فقائمة الجنزورى تبدو كأنها «شبه رسمية» رغم أن الرئيس السيسى أكد عدم دعمها، لكنها تُثير هواجس بإمكانية فتح ثغرات لإعادة الوجوه القديمة.
لكن لنعترف بأن ظاهرة استخدام المال السياسى بالانتخابات متجذرة وموجودة بجميع الانتخابات فى شتى دول العالم، فلا توجد انتخابات دون نفقات، لكن المعيار يكمن بمدى مشروعيتها، كالإنفاق على الدعاية والجولات الانتخابية والمقار والمندوبين وغيرها، وفقا للضوابط القانونية، أما غير المشروع فتتمثل بشراء الأصوات، وتقديم «رشاوى انتخابية» للتأثير على إرادة الناخبين، لتفرز برلمانًا مشوهًا لا يعبر عن الإرادة الحقيقية للأمة، وتُلوح الضبابية التى تُخيم على مسار العملية الانتخابية بإنتاج «برلمان قلق» سواء فيما يتعلق بثغرات دستورية محتملة، أو طبيعة القوى السياسية الجديدة والوجوه التى تخوض التجربة لأول مرة بمواجهة «حيتان الانتخابات» بأموالهم وإمكانياتهم الهائلة بما يقتضى سرعة وجدّية اتخاذ الضوابط الكفيلة بإدارة معركة نزيهة ومتكافئة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة