محمد الدسوقى رشدى

مصر المريضة بالأهلى والزمالك «1-4»

الخميس، 29 يناير 2015 07:55 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«1» تسير الأمور فى وطنى هكذا..

إما أن تكون مع، أو تكون ضد.. إما أن تكون المطرقة أو تكون السندان، أو تكون المطحون بين الاثنين.. إما أن تكون مع الرئيس أو ضده، لا منتصف، ولا أحد يؤمن بديانة الوسطية التى تمنحك الحق بأن تقول على الخطأ خطأ دون أن تكون خائنًا أو عميلًا أو عدوًا.

«2» بعد التحية والسلام والكلام اللى من نوعية «فرصة سعيدة»، و«تشرفنا» و«إحنا أكتر»، يأتى السؤال الأهم فى تاريخ أى تعارف إنسانى على أرض مصر.. يلتقى الناس ويتعارفون ثم يبادر أحدهم بإلقاء السؤال الأهم والأخطر على الطرف الآخر، قائلا: صحيح إنت أهلاوى ولا زملكاوى؟!

أرجوك لا تتعجل، وتقول إن هذا ليس صحيحًا، وعد أولا بذاكرتك إلى الخلف.. عد إلى أول أيامك فى المدرسة الجديدة، أو فى الكلية، أو فى العمل، أو على القهوة، أو حتى أول لقاء عاطفى يجمعك بالسيدة الفاضلة حبيبتك، وتذكر أول خمسة أسئلة ورد ذكرها فى اللقاء، وإن لم يكن من بينها سؤال «إنت أهلاوى ولا زملكاوى؟» تبقى مشكلتك أنت، لأن التجارب أثبتت أن الأسئلة الخمسة فى اللقاء الأول تتنوع ما بين: بتحب تسمع لمين؟ وبتحب تقرأ لمين؟ ومين ممثلك المفضل؟ وبتحب مين من الشيوخ؟ وبرجك إيه؟ وأسئلة أخرى كثيرة تختلف حسب نوعية السائل والمسؤول، لكنها لا تخلو أبدًا من سؤال: إنت أهلاوى ولا زملكاوى؟

«3» الله خلقنا فى مصر هكذا، خلقنا مسيحيين ومسلمين، صعايدة وفلاحين، عمالًا وفئات، حزبًا وطنيًا «فلول» ومعارضة «ثورة»، 25 يناير و30 يوينو، فقراء وأغنياء، «تممامرة» نسبة لتامر حسنى و«عمامرة» نسبة لعمرو دياب، وأهلاوية وزملكاوية أيضًا.

إنها الفطرة يا عزيزى، ولا شىء غيرها، الفرد فى مصر يولد ليجد نفسه مجبرًا على الانتماء إلى واحد من كل معسكرين متضادين تم ذكرهما سلفًا، وتتباين درجات انتماء كل مواطن مصرى لمعسكره حسب ما تلقاه من تعليم، وما حصل عليه من تربية، ولكن فيما يخص مسألة الأهلى والزمالك يكون الموجود تباينًا فى درجات التعصب، وليس فى درجات الانتماء، فهناك تعصب يدفعك لإرهاق أحبالك الصوتية من كثرة الهتاف، وتعصب أكثر تطورًا يدفعك لحفظ قاموس كامل من الألفاظ المسيئة لكى تلقيها على مسامع مشجعى الفريق المنافس، وتعصب أكثر احترامًا يدفعك للذهاب إلى الاستاد، وتحمّل البهدلة، وإنفاق ما فى الجيب من أجل نظرة على المباراة، وتعصب أكثر تهورًا قد يدفعك للدخول فى خناقة بسبب نقاش حول مدى صحة ضربة الجزاء التى هُزم بسببها فريقك.

متعصبون إلى آخر مدى.. هذا هو حال جمهور كرة القدم فى العالم أجمع، وجمهور الأهلى والزمالك بشكل أخص، وإن تطوع أحد جهابذة الإعلام الرياضى الجدد لنفى هذه الصفة على اعتبار أنها تسىء لسمعة مصر- كما يروجون دائمًا- ضع إصبعك فى عينيه، وأخبره أن أى كلام عن ذلك الزمن الجميل الذى كانت فيه جماهير الأهلى والزمالك وديعة وطيبة وهادئة ومحترمة يبقى كذبًا، ورغبة فى الهروب ودفن الرؤوس فى الرمال، وهو ما لم يعد صالحًا الآن.. صحيح أن تجاوزات جماهير الأهلى والزمالك فى تلك الفترة لم ترق إلى مستوى المعارك القاتلة، أو أمور البلطجة التى تخلّف فى نهاية أحداثها قتلى وجرحى، لكنها وصلت إلى ما هو أخطر.. وصلت إلى حيث صناعة الفتنة..
وللكلام بقية غدًا إن شاء الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة