حكاية شهدائنا الذين راحوا ضحية الغدر فى ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 ستظل ساكنة فى قلب كل مصرى شريف، فعندما تنظر إلى ابتسامة شهدائنا الذين ماتوا على يد البلطجية منعدمى الإنسانية منذ اندلاع الثورة وحتى الآن، تجد معنى حب مصر الحقيقى، فأرواحهم تمتزج بتراب الوطن، وتشعر حينما تمر مشاهد الثورة بحالة من الشجن وحب الوطن النابع من نبض القلوب، فقد كانوا كعصفور يشدو فى قفص العبودية باحثاً عن غصن الحرية، وحكايتهم كانت حكاية كل إنسان فى عشق بلاده مطحون.. كانت بذرة "إتزرعت" فى الأرض من أجدادنا وخلعوها ولاد الملاعين.. كانت بسمة مرسومة على الشفاه وقتلوها فوق الجبين.
شهداء يناير سيظلون جوه قلوبنا بضحكتهم البشوشة وقلبهم الطيب وروحهم المفعمة بأمل جديد فى وطننا، فهم كانوا نقطة فارقة فى تاريخنا الحديث، ولا يمكن أن ننساهم مهما طال الزمان، فقد فقدوا روحهم، لكنهم منحونا "طعم الكرامة"، وعدم السكوت فى وجه أى نظام مهما وصل الاستبداد.
كلنا سمعنا وهتفنا مع الشهداء والمتظاهرين فى الثورة: "عيش - حرية - عدالة اجتماعية"، وقتها شعرنا بقشعريرة تسرى فى كل جزء من أجسادنا، فمصر التى ظلت شعلة متوهجة بالمشاعر والأحاسيس، وبركانا كامنا، استفاقت من "الغيبوبة"، بفضل شبابها الذى رفض استمرار السرقة والفساد داخل البلاد فى عهد نظام مبارك.
ورسالتنا إلى كل أم فقدت ولدها أو ابنتها بأن دموعنا لا تكفى حزنًا على رحيل «ورد جناين» شباب مصر، ولا تخافى فلن تضيع دماؤهم «أدراج الرياح» وإذا لم نحصل على حقوقهم فى الدنيا، فبكل تأكيد هم فى مكان أفضل، فى جنة الخلد، فهم الفائزون ونحن الخاسرون، فسامحينا يا أم كل شهيد لسكوتنا عن الظلم والقهر طوال 30 عامًا، ولعدم قدرتنا وعجزنا للحصول على حقوقهم.
"المبدع الراحل" صلاح جاهين، ورغم حالة البهجة التى بعثها فى قلوب المصريين، فإنه من شدة حبه للوطن أصيب بحالة اكتئاب حادة بعد هزيمة 1967، واعتبر نفسه أحد المسئولين عن تلك الهزيمة، لأنه منح الشعب الأمل بقصائده، فماذا نفعل إذن، فبعد اندلاع يناير ضد طغيان مبارك، وثورة 30 يونيو ضد غباء جماعة الإخوان، ودماء المصريين الذكية تسيل فى كل الأماكن على أرض سيناء الحبيبة، وفى بحرى وقبلى وفى قلب القاهرة، كل يوم نصحو على خبر انفجار قنابل هنا وهناك يذهب ضحيتها أبناء هذا الشعب، واستشهاد جنود وضباط شرطة وجيش من أبنائنا، أما عن حوادث طرق فحدث ولا حرج، فهؤلاء لا يمكن أن ننساهم أيضاً، وكل ما نتمناه حالياً أن تختفى هذه المشاهد من حياتنا من أجل مستقبل أولادنا، وأن يتذكر الجميع أننا إخوة فى الوطن.
وفى النهاية.. أكرر نشر الرسالة التى كتبتها فى الذكرى الأولى لثورة يناير نيابة عن شهدائنا الأبرار:
يا مصر.. لأنى أحبك بدون شروط سأكون لك أو أموت.. امتلأ صدرى بملايين الأساطير المغروسة فى قلبى عنك، وظلت أحلامى مليئة بمشاعر الانتظار لمعجزة آتية تمحى برد الأحزان وتعيد الدفء إلى نفسى وتتخطى جروح الزمان.
يا مصر.. لأنى أحبك بدون شروط سأكون لك أو أموت.. لن أسامح نفسى حينما تاه عقلى بين زحام البشر.. وضاعت هويتى دون البحث عنها، فقد مضى كل منا فى رحلته، فكان القدر أن نسبح معا وسط تيار القلق حتى جاء موعد الانتصار.
يا مصر.. لأنى أحبك بدون شروط سأكون لك أو أموت.. لا أريد سوى عندما يكون الملتقى بيننا تغمرنا السعادة وينادينا الحنين.. فلنصرخ فى وجوه كل البشر.. حتى لا يضيع معنى العشق داخل أوساط تقترف الحب على أنه نزوة مع شرب كأس خمرة.
يا مصر.. لأنى أحبك بدون شروط سأكون لك أو أموت.. سنمشى على تتابع خطانا حتى نجنى ثمار عشقنا.. فحين يمر نسيم الكرامة.. نستعيد ذكريات الحرية، و«ارفع راسك فوق إنت مصرى»، نعم سأرفع رأسى عالياً وأقولها وسأظل أقولها لكى يعرف الجميع قيمتها وفخرنا بها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة