المؤكد أن أوروبا بعد «شارلى إيبدو» لن تكون الأرض المريحة للعرب والمسلمين، وبدأت بالفعل بوادر «إسلام فوبيا»، متمثلة فى مشاعر الكراهية والغضب والمضايقات المتعمدة من الأوروبيين، والمتوقع أن يتطور الأمر فى صورة تشريعات وإجراءات، تضع قيودا على الهجرة والتنقل والعمل والحريات الدينية، ربما أقل قليلا مما فعلته أمريكا بعد 11سبتمبر، ولكنها ستكون أكثر إيلاما وأشد تأثيرا، خصوصا للجاليات العربية من دول شمال أفريقيا، الذين عاشوا واستوطنوا وحصلوا على جنسيات تلك الدول من عشرات السنين، ويتحملون الآن أعباء جرائم إرهابية ليس لهم ذنب فيها.
أفاقت فرنسا على كابوس شاركت مع حلفائها الأوربيين فى صنعه، وليس من قبيل التشفى أن العفريت الذى صنعتوه لن تنجحوا بسهولة فى صرفه، وأن مخالبه تمتد دائما إلى صاحبه، ولن نلومكم حين جلستم تنظرون إلى مصر من علٍ وهى تقود حربا بمفردها، ضد مخططات داخلية وخارجية استهدفت أمنها واستقرارها، ورفضتم مع سبق الإصرار والترصد إدراج الإخوان كجماعة إرهابية، بل احتضنتم عناصرها وكوادرها، ومنحتوهم الرعاية والحماية واللجوء السياسى، وشاركت بعض الدول فى تآمرهم أملا أن يكونوا مخلب قط ضد الدولة المصرية، واستخدمتم شعار حقوق الإنسان الكاذب للهحوم علينا والنيل منا، وأخص بالذكر ألمانيا حضانة الإخوان فى أوروبا، التى تأسفت على حال مستشارتها ميركل وهى تذرف الدموع، بكاء على الضحايا الفرنسيين، وتدفن رأسها فى صدر الرئيس الفرنسى هولاند.
ولم نتعال عليهم كما فعل الأحمق نتنياهو، الذى دعا اليهود الفرنسيين للهجرة إلى إسرائيل، ليتمتعوا بالأمن المحرومين منه فى فرنسا، مع أنه أحد صناع الإرهاب الرئيسيين فى منطقة الشرق الأوسط، وأصابعه تعبث من وراء الستار فى سيناء جنبا إلى جنب حماس، وكانت مصر الرسمية ومؤسساتها الدينية على قدر الحدث، سواء فى مواساة الشعب الفرنسى، أو إبداء الرغبة الحقيقية فى تقديم خبراتها الأمنية فى مجال مكافحة الإرهاب، وتبرئة الإسلام والمسلمين من هذا العمل الجبان، الذى يتنافى تماما مع ديننا الحنيف وتعاليمه السمحة، وأن الرصاص الغادر يغتال المسلم مثل المسيحى، ويهدد القاهرة مثل باريس.
ولم تفتح مصر ملفات البرلمان الأوروبى، الداعم للإرهاب تحت مظلة حقوق الإنسان، الذى نصّب نفسه راعيا رسميا للتقارير الكاذبة والبيانات التحريضية، ويضخ فى عروق الجماعات الإرهابية معونات سخية، ويهدد تارة بوقف المساعدات، وأخرى بحظر توريد الأسلحة الضرورية لمكافحة الجرائم الإرهابية، وكأن الإرهاب شأن مصرى ولا يعنيهم من قريب أو بعيد، ولم يصدقوا أن مصر تقود حربا نيابة عنهم، بعد أن قامت التنظيمات الإرهابية بتدويل جرائمها وعبور حدودها السياسية، والمسرح القريب جدا منهم هو جيران الشمال فى أوروبا.
يخطئ الأوربيون مرتين إذا وضعوا العرب والمسلمين المقيمين فى بلادهم جميعا فى قفص الاتهام، فهم أكثر من غيرهم علما بالفاعل الأصلى والشريك والمحرض والممول، وهم شركاء فى تحضير العفريت الذى لن ينجحوا فى صرفه، بالقيود والقوانين والإجراءات الصارمة، التى تضيق سبل الحياة على بشر مسالمين يعيشون فى تلك الدول ويحترمون قوانينها، وإذا فعلوا ذلك فهم يؤججون كراهية عكسية، ويذرعون بذور الغضب والحقد فى نفوس أبرياء لا ذنب لهم، وكل جريمتهم أنهم ينتسبون لدين سماوى عظيم يبغض دماء العنف والإرهاب، ويحض على التعايش السلمى والتسامح والحوار بين الأديان، أما الفوبيا والغضب والكراهية، فلن تنجح فى صرف العفريت الذى شاركوا فى تحضيره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة