جاءتنى بوجهها الشاحب وملابسها السوداء ودموعها التى توحى بأن ما فقدته عزيز عليها جدا.. وقذفتنى بكل ما لديها من حزن وانكسار، وقالت لى هذه المرة لن تجدى له مبرر، فلقد تزوج الخادمة.. بعد مغامرات كثيرة له مع نساء معظمهن أقل من زوجته جمالا ومستوى اجتماعى وثقافى، وهذا ما جعلنى أتوقف وألا أتسرع فى الحكم عليه بفراغة العين والرمرمة.. فبحثت داخل نفسى عن إجابة لسؤال، ماذا نفعل فى الحياة؟ وما وجدت من إجابة منطقية غير أن معظمنا يبحث عما ينقصه أو ما يعتقد أنه يسعده وبدونه سيظل تعيسا، فعاودت السؤال ولماذا يبحث زوجها عن خادمة ليحبها أو يتزوجها؟ ومعه ليدى بمعنى الكلمة، وهنا كانت الإجابة فصديقتى ليدى جميلة مثقفة معتزة بنفسها جدا وكبريائها يصل لعنان السماء، وكان نتاج هذا إنها تعاملت معه بفوقية وتعالى، فكلمة آسفة لم تكن ضمن قاموس حياتها، والدفاع عن رأيها باستماتة ما كان يرجعها عنه حوارات أعظم العلماء، وعندما تطالبها بما عليها تسألك عما عليك، فكانت تنتظر دائما أن يبدأ هو بكل شىء التعبير عن المشاعر، الاعتراف بالخطأ، الثناء التضحية، وهذا لا ينكر ولا يبرر له، فله مساوئه الكبيرة طبعا التى جعلت منها امرأة تعيسة لا تشعر بالأمان ولا تملك أملا تعيش أو تحاول من أجله، فتوجهت إليها بسؤال، لكن يا ترى من تسبب فى هذه التعاسة وهدم هذا العش؟ فأجابت بمنتهى التحدى هو طبعا.. فترددت أن أقول لها من يبحث عن خادمة ليكمل معها حياته أقل وأضعف من أن يهدم بيت ويشرد أسرة، هذا إنسان مشوش وقع تحت ضغط نفسى شديد واحتياج عاطفى بطريقة ترضى كبرياءه وتشعره برجولته المهدرة، من الجائز أنك لم تفعل هذا بقصد فهذه طبيعتك وتربيتك لكن على الأقل لم تحاولى التنازل عن التفكير بكبرياء وعند حتى تحافظى على هذا الرجل، لم تسالى نفسك ماذا ينقصه ماذا يحبه ماذا يفضل ؟ قبل أن تبحثى عن ما يسعدك انتى .. فسقطت دموعها بغزارة أثارت صديقتنا الثالثة التى هبت فى وقالت ما لك تدافعى عنه وهو خائن، وإذا كنتى وجدتى مبررات لخيانته لها، فماذا ستقولين عن زوجى ؟ أنت أعلم بتربيتى وبتواضعى معه وخدمتى له ولأهله ولأولاده ومع ذلك يهدر أقل حقوقى ويبعدنى عن حياته ولا أعلم عنه شيئا إلا ما يسمح به، فهو يعيش فى عالم خاص به ودائرة لا يدخل فيها إلا من يريده هو، أنت امرأة وتعلمى مدى صعوبة هذا الإحساس على الزوجة أن تشعر أن الأغراب يعلمون عن زوجها أسرار لا تعلمها هى، كيف تتعاملى وتحبى وتخلصى لشخص يحاول أن يهمشك فى حياته !! ولعلمى فعلا بطبيعة صديقتى وتربيتها سألتها، من الذى بنى هذا الجدار بينك وبينه ؟ من وضع هذه الحدود التى بعدت المسافه بينك وبينه ؟ بالطبع كان ردها هو، فاضطررت أن أمسك مشرط الجراح وأواجه المرض واستأصله حتى لو ألمتها، فنظرت إليها وقلت أول حجر فى هذا السور أنت من وضعتيه، ارتباطك الشديد بأسرتك وانتمائك لهم جعلك تدينى لهم بالولاء فى كل شىء ولا تتحملى أى إنسان يدخل فى هذه العلاقة ومع كل موقف مع زوجك كنت تشيدى بدور أهلك فى حياتك ولا تسمحى له أن يتفوه عنهم، عملتى لك قوقعة تعيشى فيها مع أهلك غير مسموح له أن يدخلها سحبتى السجادة من تحت قديمه.. وفرشتيها فى بيت أهلك وعشتى هناك معهم بروحك وحبك وعقلك، لو سألتك نفس السؤال، هل زوجك يعلم كل شىء عن أهلك أو عن ما بينكم من أسرار؟ لا أحتاج إجابة طبعا لا يعلم، صديقتى وحبيبتى أنت لكى عالم خاص بك فلماذا لا تريدى له عالم خاص به، كل منكم لم يجد فى الآخر النصف الثانى الذى يأتمنه على أسراره وحكاياته وأماله، ولا أدافع عنه إذا قولت لك إن الرجل إذا شعر بالأمان لشريكة حياته لن ينتظر أن تسأله سيجرى عليها عند أصغر حدث ويشاركها فيه لن يستطيع أن يأخذ قرارا بدون استشارتها لثقته فى عقلها وحبها وإخلاصها له، يجب أن يشعر منك أن ولائك الأول له هو، وإنك لو خيرتى فى أمرين ستختاريه هو وتعلى مصلحته على أى مصلحة... صديقتى هل شاركتى زوجك هذا النجاح الذى تريدى أن تجنى ثماره وتعلمى اسراره؟ هل ضحيتى بمسلماتك فى الحياة من أجل أن تكونى بجانبه فى كل لحظات حياته .؟ نعم الله امرنا أن نحيا تحت إقدام أمهاتنا، ولكن لا تنسى أن رضى الزوج من رضا الرب، وحبيبنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام قال لو أمرت الزوجه أن تسجد لغير الله لأمرتها أن تسجد لزوجها، الرجل ليس كائن غريب، إنه إنسان يكمن داخله طفل ممكن يكون متمرد أو عنيد، عصبى، ولكنه سيظل فى النهايه طفل أو طفلك، هل تتذكرى كم مرة دللتى طفلك حتى تكسبى ولاءه وطاعته لك، كم مرة تحايلتى على تمرده بذكائك وحكمتك، هل تتذكرى كم المجهود الذى بذلتيه كى ينجح ابنك ويكون افضل رجل فى الدينا ؟ هل لو فعلتى كل هذا مع زوجك سيجد غيرك ملجئ يجرى ويختبئ داخله من مصاعب الحياة !! ولم أكمل حديثى حتى فجأتنى صديقتنا الرابعة وقالت لى لكن أنا زوجى كائن وليس إنسانا.. فضحكت رغم أن الوضع لا يتحمل .. فأسردت كلامها كم هو قاسى عديم المشاعر لم تسمع منه كلمة حب مدى حياتها معه لا يتحدث إلا بالنقد والسلبيات عينه لا ترى الجميل، لم يراعى مشاعرها ولم يسألها عن احتياجاتها، وقبل أن تكمل سألتها وماذا عن واجباته المنزلية، قالت يقوم بها على أكمل وجه، وماذا عن مبادئة وأخلاقه؟ قالت هو يخاف الله فى تعاملاته ولا يظلم أحد ولكن أنا أتحدث عن مشاعره، أنت تعلمى أهمية التعبير عن المشاعر مع الزوجة وإننا نحب بأذاننا، وهذا أبعد ما يكون عن الرومانسية أو الحنان، فأجبتها صديقتى الرجل الذى يخاف الله لا يمكن أن يكون قاسى القلب، على العكس هذا الرجل يحمل قلبا رقيقا لدرجة أنه يخشى عليه من الجراح فحاوطه بقشرة خشنة صلبة لحمايته، ولكن تحت هذه القشرة قلب طيب رخو سهل التحطيم، حبيبتى الرجل لا يعرف احتياجاتنا لأنه مخلوق غيرنا طبيعته مختلفة ما يرضيكى ليس هو ما يرضيه، لذا عليكى أن تطلبى منه ما تحتاجى يجب أن تقيما الحوار لتصلا إلى طريق تخطوان فيه إلى السعادة، وجائز جدا أن الإنسان يغرق فى الحب ولكن لا يملك أن يعبر عن هذا الحب إلا بالأفعال كحمايتك وحماية بيتك والاستقرار والإخلاص، لذا كونى أنت مدرسته التى تعلمه كيف هو الحب، علميه الرومانسية برقتك وحنانك عليه واصبرى فإن الصابرين على خير وأولى إنسان أحق أن تصبرى عليه هو زوجك ورفعت وجهى انظر إليهم وإذا بهم ينظرون إلى نظرات كالذى اكتشف شكله لأول مرة أمام المرآة وعلم أنه ليس الإنسان الجميل الذى يتخيله طوال حياته، وقبل أن يبدأوا الهجوم ولأنى قرأت فى أعينهم أنهم سوف يسحبونى ليكشفوا لى حقيقتى أمام المرآة كررت الهروب وإذا بى أركض بسرعة .
مشكلة بين زوج وزوجة - صورة أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نرمين نصار
مين الغلطان
عدد الردود 0
بواسطة:
نرمين نصار
مين الغلطان