ليس من باب الصدفة تضمن بنود أداء البيعة كما صاغها حسن البنا شرط تغييب العقل، وإن ورد ضمنيا وليس حرفيا، إلا أن كل مقوماته ما زالت تسرى على أعضاء الجماعة بحذافيرها حتى اليوم.. لذا لا تبدو المراهقة السياسية التى تمارسها ذيول الجماعة بمهارة تفوقت على حرفية لاعب (الثلاث ورقات) وهى تُقلِّب ورقة المصالحة أمام الرأى العام العالمى بيد، بينما تسفك باليد الأخرى دماء الأبرياء.
بعد استنزاف كل سُبُل المتاجرة بورقة المصالحة.. يتجه التنظيم الدولى للجماعة حاليا إلى اقتطاع رطل من "لحم جسد" ثورة 25 يناير على طريقة التاجر اليهودى "شايلوك" فى مسرحية شكسبير (تاجر البندقية) للحصول على أى تعاطف دولى بعدما تساقطت الأوراق عن جسد الجماعة داخل مصر، فلا هى جماعة دينية من أهل الخير، و لا كان لها أى صلة بالثورات عموما أو ثورة 25 يناير تحديدا.. الإخوان لم يصبحوا "فرسان" الثورة وعُشاقها المُخلصين، ولم يظهروا فى ميدان التحرير إلاّ بعد الاطمئنان على نجاح مسار الثورة، ودخلوا فى موسم حصد المغانم.. لأن قضيتهم ببساطة لم تكن يوما لها علاقة بمصر أو مطالب شعبها.
يوجه التنظيم الدولى نشاطه إلى مجال الإعلام، سواء الفضائيات أو المواقع الإلكترونية، والتى يدور كل مضمونها فى فلك الثورة، وكأن المطلوب إلغاء الذاكرة العامة للشعب استعدادا للوهم الذى تحاول الجماعة تسويقه.. بينما من أبجديات تعاليم الجماعة لأعضائها تكريس فكرة العزلة عن الآخرين والتى لا تتسق مع مبدأ الثورة فى الاندماج داخل الحالة الشعورية العامة للمصريين آنذاك.. لذا تبدو عناوين مثل ائتلاف الثورة، المجلس الثورى المصرى.. وغيرها من المسميات التى يخاطب بها التنظيم الرأى العام العالمى، أشبه بفاصل النهاية فى الكوميديا السوداء التى مارستها فى حق هذا البلد.
ترتدى الجماعة عباءة الثورة فى محاولة ساذجة لتدويل قضيتها عبر المجلس الثورى المصرى، على أمل إعادة الدفء إلى العلاقة التى ربطتها مع دول الغرب، وقد أعماها التخبط عن قراءة لغة المصالح المشتركة التى تحكم علاقات أمريكا والغرب مع الآخر.. فالثوابت لا تدخل ضمن القاموس السياسى لهذه الدول.
ومستجدات الأحداث - خصوصا تلك المرتبطة بالأمن القومى- دائما تفرض ترتيبات وتحالفات جديدة. حين يدق الإرهاب أبواب أمريكا و أوروبا، كما يحدث الآن أمام تفاقم تهديدات تنظيم داعش، فإن هذه الدول لن تتمسك بأى تعهدات او مصالح اقتصادية كانت تربطها مع التنظيم الدولى أو جماعات أخرى.. بدليل تهافت الوفود الأمريكية على مصر فى مساعى لإعادة بعض الدفء إلى العلاقة مع مصر والتمهيد لأجواء خلق تنسيق أمنى.. كما بدأت فى تهدئة نبرة التهديدات العنيفة تجاه نظام بشار الأسد فى سوريا، لتظهر فى الأفق إمكانية فتح حوار سورى – أمريكى حول التعاون فى الحرب على الإرهاب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة