لاشك أن زيارة الرئيس السيسى للولايات المتحدة الأمريكية لحضور الدورة الـ69 للجمعية العامة للأمم المتحدة قد نجحت وحققت كثيرا من النتائج المهمة والمطلوبة فى ظل هذه الظروف التى يعيشها الوطن، وأهم هذه النتائج هو الاعتراف سواء كان المباشر أو غير المباشر بمصر الجديدة التى جاءت بعد 25 يناير/ 30 يونيو، واعتراف مباشر بدور مصر المستعاد عربياً وإقليميا وعالميا، كما أن كم المقابلات التى تمت بين السيسى وبين هذا الكم من الزعماء وصانعى السياسة فى أمريكا وغيرها من بلدان العالم يؤكد اعتراف الجميع بالسيسى رئيساً لمصر جاء بإرادة شعبية رغم تخرسات البعض الذين قد انهارت آمالهم فى مصر والمنطقة بعد وصول السيسى مثل هذا الأردوغان، ومع ذلك فلابد أن ندرك جيداً أن تحقيق هذه النتائج من الزيارة ليست هى نهاية المطاف أو أنها قد حققت كل المأمول وجل المطلوب، فالمشاكل كثيرة والمصاعب جمة والقضايا معقدة ومتشابكة ومصر الجديدة ودولة المواطنة وتحقيق الثورة على أرض الواقع يحتاج إلى الإيمان والعمل الجاد وبذل العرق والنضال الدائم لتحقيق هذه الآمال، وقد فعل السيسى خيراً عندما ذكر وركز فى خطابه أمام الأمم المتحدة على دولة المواطنة والقانون التى تحترم كرامة الإنسان وتحافظ على حقوقه وتحمى حريته، كما أنه قد أكد العلاقة العضوية التى لا تنفصم بين 25 يناير و30 يونيو حتى لا يصطاد مرتزقة الاثنتين والمتاجرون بهما، فإذا كانت 30/25 هما هبتين جماهيريتين قد أسقطتا نظامين فإن الثورة وتحقيق آمالها ومطالبها لا تتحقق بين ليلة وضحاها، ولكن بالتغيير الجذرى الذى يتراكم فيحدث نتائج ثورية تحقق مطالب الجماهير وتحل مشاكلهم وتحقق آمالهم فى حياة كريمة حرة تجد فيها ذاتها وتحس بكرامتها، فهل يملك النظام والحكومة والسيسى هذا بدون التفاف وتوافق وإجماع جماهيرى؟ كما أن هذا الالتفاف وذلك الإجماع لن يكونا بغير إحساس ومشاهدة بداية التغيير الحقيقى الذى يتوافق ويتفق مع دولة المواطنة. وهنا سنركز على قضية واحدة تؤكد جذور الفساد وتدل على حجم التناقضات بين الأقوال المعلنة والشعارات المرفوعة وبين الواقع الصادم الذى يصيب أى انتماء لهذا الوطن فى مقتل بل يجذر ويكرس حالة الاغتراب التى لا تبنى أوطانا ولا تحقق آمالا ولا تحدث تغييرا.
من المعروف أن من أهم أسباب هبة يناير كانت قضية التوريث، كما أن الواسطة والمحسوبية دائماً ما تكونان «أُس البلاء» وسبب الداء وعنوان الفساد، مع العلم بأن هذه الواسطة وتلك المحسوبية دائما ما تكونان ضد القانون أو تسقطان التعليمات وتتجاوزانها لصالح غير المستحق وعلى حساب المستحق، ولكن قضيتنا هذه ومشكلتنا تلك تتجاوز الدستور وتسقط القانون، ولكن عن طريق التعليمات واللوائح الداخلية، أى محسوبية وواسطة وتوريث بتعليماتهم الخاصة، وكأنهم دولة داخل الدولة أو أنهم خارج الدستور وفوق القانون، والمشكلة هى تعيين وكلاء النيابة المستحقين ولكن بشرط حصول الوالد على مؤهل عال.. نعم نحن نحترم القضاء ونناضل من أجل استقلاله لأن فى هذا حماية للوطن وللمواطن وإقرارًا بالعدل الذى هو فوق الملك، نعم هناك موقف سيسجله التاريخ للقضاء وللقضاة فى تحملهم كثيرا من التجاوزات والتهديدات، ولكن لماذا هذا التمييز بين مواطن وآخر بما لا يتفق مع القانون والعدل والمواطنة؟ وما المتقدم المتفوق الذى من حقه التعيين فى النيابة بألا يعين لأن والده غير حاصل على مؤهل عال؟ ألا تعلمون أن الوالد الفقير المعدم الذى علم ابنه حتى يصبح وكيلا للنيابة أحق من السيد الباشا الذى علم ابنه؟ أليس هذا ضد المنطق وفيه تفرقة ولا يحقق العدل ويتناقض مع مصر الجديدة ودولة المواطنة بل سيعمق الفرقة وسيزيد الحقد ويهدد سلامة الوطن، أم أنكم لم تسمعوا بـ30/25؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة