تتوقع شركة آبل الأمريكية أن تجنى قرابة 38 مليار دولار أرباحا بنهاية هذا العام، تصب فى صالح الاقتصاد الأمريكى بعد طرحها لتحفتها الجديدة آيفون 6، بينما فشلنا نحن فى أن نغرق أبواب 2 مليون منزل مصرى و3 ملايين سيارة بورقة «هل صليت على النبى اليوم؟»، ناهيك عن أن تأثيرها على الناس لم يكن بالشكل المتوقع، حتى إن أحدهم قال لى مرة: «حينما أقرأ هذا السؤال أجيب بلا، خوفا من أن يأخذ صاحبها حسنات لا يستحقها».
تعانى المجتمعات العربية من سوء فى أنظمة التعليم والصحة والحريات، لكنها تبرع فى الفلسفة، فثمة جدال كبير يدور حاليا حول إذا ما كان خلع الحجاب ظاهرة اجتماعية أم ضعف إيمان، أم إنه توجه دولة أطاحت بالحكم الدينى خوفا من الزحام الذى سيسببه نزول الملائكة بالآلاف لمؤازرة الرئيس الإسلامى فى حربه ضد المدنية المعادية لمشروع الجماعة، لهذا يبدو الخوض فى قضايا كخلع الحجاب او انتشار النقاب ترفا لا مبرر له، طالما الرقاب نفسها تطير على يد داعشى بيده راية سوداء فى الغالب لا يعرف ضميره سوى كلمتين منها «لا إله»، فكانت النتيجة الطبيعية أن يلهو صبى استرالى برؤوس مقطوعة، وكأن الأمور ستسوء بهذا الفتى لو تركوه ليصبح عضوا أكثر فائدة فى مجتمعه. وفى المجتمعات المريضة فقط يحب الناس اللص الظريف، ويتغنون بمآثر قاطع الطريق الشهم، ويتجادلون حول ما إذا كان «داعش» تنظيما إرهابيا أم مبعوث من السماء لإنقاذ الأكثرية السنة المضطهدة من أقليات شيعية ومسيحية وطوائف أخرى فى لوحة الفسيفساء الدينية التى كانت يوما مثار فخر الشرق، لكنه التاريخ يستمتع بدور المقامر الأكبر فى ملهى صراع الحضارات.
أحيانا لا يبدو الأمر محبطا كما نتصور، فكثير من البلدان تخلصت من عقدة النزاع الفلسفى، وأصرت على النزوع إلى العلم والعقل والمنطق، فهذه بلاد الهند التى تركب الأفيال، تمتطى الآن صهوة الفضاء، وتتقدم فى إنتاج الطاقة المتجددة وتهدد عروشا صناعية بطفرة نمو استغلت فيها الكثافة السكانية، بينما فى بلادنا اختلفت ثقافة الركوب، وانتقلنا بها من ظهور الأفيال لتفسيرات الأديان، وانحصرت عقولنا فى المؤمرة الكونية على الإسلام، رافضين الاعتراف بأن الكون كله ذهب بعيدا فى تقدمه، ونحن مشغولون فى البحث عن جثمان الحسين.. أو رأسه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة