أقرب السُبُل إلى المنطق.. وأكثرها نُبلا عند المطالبة بالحقوق، هى تلك التى تقوم على أساس امتلاك الأطراف الساعية لفرض هذه الحقوق رؤية سياسية واضحة ومحددة تضعها فى الموقف الأقوى والأقدر على تحقيق الهدف، وهو ما يُضفى أهمية خاصة لعقد ندوة موسعة بمشاركة كل القوى الشبابية لطرح رؤيتهم ودورهم فى العملية السياسية مستقبلا، بناء على خطة عمل دقيقة للوصول إلى نقطة التقاء بين هذه القوى- بكل المخاوف والتحفظات التى تختزنها- وبين السلطة السياسية.
الفكرة –إذا توافرت لها عناصر النجاح- قد تكون بداية حقيقية لوضع جيل الشباب على طريق العمل السياسى القائم على "النُضج" خصوصا بعدما ارتبطت –للأسف- كلمة "الشباب" بالعديد من "المراهقات السياسية" المرفوضة، مع كل التفهم لمخزون التمرد والغضب والانفعال المرادف لمرحلة الشباب.. إلاّ إنه ليس أمامهم، ببساطة، فى حال اختيار "عسل" المشاركة السياسية، سوى تحمُل "قرص نحل" العمل السياسى بكل ما يقتضيه من جدية البرامج والتصورات السياسية التى يحملونها لخدمة هذا البلد، والعمل على خلق قاعدة شعبية عبر التواصل مع الشارع.
موضع الخطر لا يكمن فى اهتزاز الثقة بوعى جيل الشباب.. بقدر ما يُضعِف هذه الثقة- على الأقل شعبيا- الممارسات المسرحية الرديئة لبعض المحسوبين على هذا الجيل ممن أغرتهم ثورة 25 يناير على إلصاق شتائمهم بمطالبها، هذه النماذج ظلّت أسيرة "الفراغ السياسى" الذى ظهرت منه، وصور لها أن تداول أسمائها إعلاميا هو جواز السفر إلى دخول عالم السياسة، فلا حاجة إلى رؤى وبرامج عمل، ولا من يحزنون!! الكتابات والتعليقات على صفحاتهم فى مواقع التواصل الاجتماعى وحدها تكفى فهى دليل على أن افتقاد هذه الأسماء إلى أى رؤية سياسية إيجابية هو ما دفعهم إلى الارتماء فى أحضان أى "شو" إعلامى، لا تتعدى أنشطته توجيه الشتائم إلى الجيش والشرطة والقضاء، ويمكن كل "البشرية"!!.. هل فكر أحدهم مثلا فى تقديم دراسة قانونية تحمل تصوّرا بديلا أو حل للمشاكل المثارة حول قانون التظاهر، هل تبنى أحدهم فكرة توحيد القوى الشبابية عن طريق التقريب بين توجهاتها السياسية، فى كتلة يتوافر لها المزيد من القوة والتأثير عند ممارسة العمل البرلمانى، الأدهى أن تماديهم فى الغوغائية والجهل بدأ يدفعهم إلى إثارة المزيد من كراهية واستفزاز الشارع نحوهم عبر تبنى نفس صيغة الشتائم التى ترددها ذيول جماعة "طز فى مصر"، فى تناقض تام مع الليبرالية التى يزعمون الانتماء لها.
قوة الشباب السياسية فى التأثير والتغيير، حتما ستظهر نتيجة مثل هذه المؤتمرات والندوات والمزيد من التواصل مع المؤسسات الرئاسية والحكومية وهو ما سيجعل منها شريكا حقيقيا للسلطة السياسية، أما بضاعة الصراخ والشتائم أمام الكاميرات، فلم تعد تستجدى سوى سخرية المشاهد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة