محمد الدسوقى رشدى

السيسى العائد فى 25 سبتمبر ليس السيسى المغادر 21 سبتمبر

الجمعة، 26 سبتمبر 2014 11:26 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من عاد ليس كمن غادر!!

عودة بحال غير تلك التى سافر عليها.. استعدوا سواء كنتم أنصارا أم أهل معارضة، لأن السيسى العائد إلى مطار القاهرة فى ليل 25 سبتمبر 2014، ليس هو ذات الشخص الذى غادر مطار القاهرة فى صباح 21 سبتمبر 2014.. وربنا يستر!!

وطلب الستر الربانى هنا مرتبط بصورة نتمناها لمصر فى المرحلة القادمة، والتى يبدو أن ثلاثة منها قابعة بين القوسين فى انتظار الاختيار، واحدة لرئيس قوى يحقق ما وعد به من بناء دولة قوية بعد أن تخلص من أعباء البداية، وأخرى لرئيس يزداد قوة بلا حساب بعد شعور بهزيمة خصومه، وثالثة لرئيس تتصارع عليه مجموعات مصالح جديدة، ولهذا نطلب الستر الإلهى حتى يقع الاختيار على الصورة الأولى التى نظنها الأقرب، ويباعد الله بيننا وبين الصورة الثانية بكل شرورها، ويذكر الرئيس بتاريخ أسلافه حتى لا يقع فى فخ الصورة الثالثة.

غادرها بحال، وعاد إليها بحال، هذا هو ملخص زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فقد غادرها فى صورة صنعتها وسائل الإعلام التى روجت عن مظاهرات إخوانية تستعد للهجوم عليه فى نيويورك، وعن خطط تركية وقطرية لإحراجه داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبسبب تصريحات بعض السياسيين الهواة داخل الأحزاب المصرية الذين أصدورا بيانات وتصريحات تطالب بعدم سفر الرئيس خوفا عليه من غدر الإخوان أو خطط قطر الشريرة، والذين أوهموا البسطاء أن هاجس الشرعية سيطارد الرئيس فى نيويورك، مخلوطا بهتافات ضد الانقلاب والعسكر، ولكن أيا من ذلك لم يحدث؟!

السيسى العائد إلى مطار القاهرة فى 25 سبتمبر تخلص من كل الهواجس التى كبلت يده خلال الشهور الماضية وسافر محملا بها إلى الأمم المتحدة، ولذلك كان الارتياح هو عنوان ملامحه بعد انتهاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ارتياح لرجل تخلص من أعباء وقيود، وفرحة لرجل أدرك فى هذه اللحظة أن انطلاقته الحقيقية كرئيس كبير ومحل ثقة واعتراف دوليين قد بدأت.

عاد السيسى من نيويورك محملا بالغنائم، هزم الإخوان الذين فشلوا فى الحشد والتظاهر أمام العالم أجمع بعد أن روجوا أن شوارع نيويورك ستبتلع السيسى من الغضب، وهزم الغطرسة القطرية حينما ذهب تميم لمصافحته تعبيرا عن نجاح التحالف المصرى الخليجى فى ضغوطه، وانتزع اعترافا دوليا بشرعيته كرئيس لجمهورية مصر العربية بعد شهور من التشكيك والتلسين فى الصحافة الغربية عن 30 يونيو والانقلاب والتدخل العسكرى، وكانت آخر غنائمه تحديد العدو الصريح ممثلا فى تركيا.

سياسيا وبعيدا عن تعقيدات الوضع الداخلى وحسابات القوى السياسية هنا، نجح السيسى فى أن يجذب أنظار العالم بخطاب جيد، يتحول إلى عظيم إذا تمت مقارنته بخطاب مرسى المماثل قبل عامين من الآن، دولة ما بعد 30 يونيو أنهت اليوم وللأبد أزمة الشرعية الدولية، وستحصل على دعم عالمى فى الفترة القادمة باعتبارها رأس حربة المنطقة فى الحرب الدولية على الإرهاب، وهو مشهد مماثل لوضع مصر تحت مظلة حكم مبارك بداية التسعينيات بعد الحرب على العراق، غير أن مبارك سقط فى فخ الاعتماد على هذه الشرعية الدولية، معتقدا أن عين العالم ستغض البصر عنه سواء أصلح وضعه الداخلى أم لا؟، وهو ما أثبت الزمن فشله، ولهذا وجب التنويه إلى ضرورة الانتهاء المبكر من هذه الاحتفالات وتحجيم كل هذا الاحتفاء الدولى بالسيسى فى وضع طبيعى بلا إفراط ولا تفريط، والانطلاق فى تنفيذ ما وعد به الرئيس بخصوص إعادة لم شمل الجبهة الداخلية على المستوى الاقتصادى والديمقراطى، وتحديدا فيما يخص ملف الحريات.

أشياء كثيرة جدا ستتغير وتتأثر برحلة السيسى للأمم المتحدة، فلا أمور السخرية والاستهزاء التى يعتمدها خصوم السيسى من الإخوان أو بعض القوى السياسية الشابة ستصلح لتشويه صورة الرئيس فى عيون أنصاره، ولا الكلام عن الانقلاب والعسكر والثورة المسروقة سيبدو قصيدة لها من يسمعها فى الشارع المصرى.

عاد السيسى من رحلة نيويورك أقوى وأكثر ثقة، والأيام القادمة ستأتى مختلفة، ولن يسبح فى تيارها سوى من يملك القدرة على إعادة صياغة خطابه السياسى، بعيدا عن لهجة النفاق والتطبيل القديمة، وبصورة مغايرة عن لغة الاستهزاء والسخرية الفجة.

رأس السلطة حصل على صورة جديدة فى عيون الناس، والدور الآن على أهل الحاشية فى أروقة هذه السلطة وأهل أحزاب وتيارات المعارضة، من يفشل فيهم فى تقديم صورة جديدة للشعب المصرى لن يبقى منه سوى برواز فارغ على الحائط.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة