كلما تحدثنا عن ظلم يجرى على أرض مصر، انطلقت بعض الأصوات الصاخبة: كفاية بقى.. عايزين نبنى البلد.
حقا، كفى، وإن كنت تريد بناء وطن، فلا يصح بناء أسس على اعتقال عشوائى، وصرخات مظلومين، وأنات معذبين.
الظلم يبنى خوفا.
الظلم يهدم الإنسان.
الظلم يشغل المواطن بمحاولاته لدفع الظلم عن نفسه، أو السير بجوار الحائط، أو التوجس فى كل من يقترب منه أو يتحدث معه، عله يكون مخبرا يريد أن يبلغ عنه. وهذا النوع من الحياة لا يبنى وطنا.
الأوطان لا يبنيها إلا الإنسان، والإنسان الذى يعانى من حالة ذهنية مليئة بالخوف، والمرارة، والقلق، إنسان ناقص، لا يملك من الطاقة أو العزيمة أو الإرادة التى تجعله يبنى بحق. ماذا يبنى؟ ولم يبن؟ هل يبنى سجونا يعيش فيها، أم ينبى أقساما يتم تعذيبه فيها؟
حتى أولئك الذين يبررون الظلم، ويحاولون إخراس كل من يريد أن يشير إليه، بدعوى الرغبة فى بناء وطن، لن يبنوا وطنا، وليس باستطاعتهم أن يبنوا وطنا، وليس فى طاقتهم أو إمكانياتهم أن يبنوا وطنا، فجل ما يستطيعون فعله هو الصراخ الهستيرى، والانشغال بتبرير الظلم أو نفى وجوده أو محاولة منطقته، فكل طاقاتهم العقلية مهدرة فى ما يسميه البعض «التطبيل»، ولا يسوقهم إلى هذا الوضع المؤسف سوى خوفهم هم من وقوع الظلم عليهم، هم أنفسهم خائفون، والخائف لا يبنى.
ليس أدل على خوفهم من ردهم عليك إذا قلت لهم بعد تبريرهم للظلم: خاف ربنا يحطك مكانه، فيقول: أنا عمرى ما أبقى مكانه، أنا مش مخرب، ولا إخوان، ولا قليل الأدب، وبحب جيشى وشرطتى، وبحب السيسى.
هذا رد شخص خائف، والخوف منعه من معرفة حقيقة إنه ليس كل من وقع عليه ظلم مخرب، وإخوان، وقليل الأدب، ولا يحب جيشه وشرطته، ولا يحب السيسى.
خوفه منعه من معرفة إن أحد الشباب الذين قتلوا فى سيارة الترحيلات خنقا، كان يحب جيشه وشرطته، ونزل فى 30 يونيو، ويحب السيسى، ونزل فى التفويض أيضا.
وخوفه منعه من معرفة حقيقة الشاب محمود محمد، الذى أول ما عرف المظاهرات والمشاركة فيها، كان للمطالبة بإسقاط محمد مرسى، ولبغضه الشديد للإخوان، وتم اعتقاله فى الذكرى الثالثة لثورة يناير، لأنه كان يرتدى تى شيرت كتب عليه: وطن بلا تعذيب، وإيمانا من قوات الشرطة بمطلبه، فقد تم تعذيبه وصعقه بالكهرباء فى كل جسده، بما فى ذلك بعض الأماكن الحساسة.
وخوفه منعه من معرفة أن نجيب عبدالفتاح إسماعيل وإبراهيم شحاتة والمجموعة الكبيرة المعتقلة معهم، والذين يعانون من تشكيلة أمراض مختلفة، لم ولن يكونوا «قلالات الأدب» حتى تقوم إدارة سجن بورسعيد بحرق ملابسهم وإجبارهم على ارتداء ملابس السجن المليئة بالقمل والجرب، وحرق الزيارات التى أحضرها لهم ذووهم.
وغيرهم كثر، ممن ليسوا أخوانا، وليسوا «قلالات الأدب»، ولم يكرهوا الجيش والشرطة والسيسى أبدا، ولم يخربوا بيت نملة.
ثم إنه بفرض أن شخص ما، قليل الأدب، وإخوان، ومخرب، ويكره الجيش والشرطة والسيسى، هل هذا مبرر كاف لتعذيبه حتى الموت؟
قليل الأدب، أمه تربيه، وإن فشلت، فيتم تجنبه.
والإخوان أو المخرب تتم محاكمته وفقا للقانون.
ومن يكره الجيش والشرطة والسيسى.. والله بقى القلوب ملك الرحمن، يقلبها كيف يشاء، هو الحب بالعافية؟ طب أنا مثلا لا أحب يسرا، هل لو فرض وتقلدت يسرا منصبا فى الدولة، يحق لها أن تعتقلنى، وتعذبنى لأننى لا أحب تمثيلها ولا أفلامها؟
وإذا أمضينا الوقت، فى محاولة دفع الظلم، أو تبريره، فإننا لن نجد وقتا لبناء الوطن.
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
ولا طول اللسان ولا المظاهرات ولا الإعتصامات ولا البطون الخاوية
سلامات يا ثورة
عدد الردود 0
بواسطة:
shams mohamed
شباب الثوره
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد شوقى
{الوطن}
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد شوقى
{الوطن}
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري وفقط
نظرية ماما والخوف و التجنب
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoud
اللة يرحم ابوكى
عدد الردود 0
بواسطة:
أم أحمد البحرين
زمن الرويبضة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد صابر على
عودة دولة 2010
عدد الردود 0
بواسطة:
د.جيهان القاضي
تحيا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد سيف
منهج المظلومية بعد الفشل