سيدى الفاضل.. هل تعلم ما هو دور وزارة الداخلية؟.. دورها هو تنفيذ القانون وتحقيق الأمن.. وهل المقصود بالأمن هو شرطة المرور التى تراها فى الشارع أو الأمن الجنائى؟ هذا مفهوم قاصر جدا.
لا أقصد هذا السؤال التشكيك فى معلوماتك عن وزارة الداخلية ودورها فى أى دولة ولكن فقط أزعجنى أن الدنيا قامت ولم تقعد حينما سرب البعض خبرا عن قيامها بمتابعة المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى، وثار البعض ضد هذا التصرف، ليس ذلك فحسب بل أن الخطأ الأكبر أن تلجأ الداخلية لنفى الخبر.. هنا شعرت بالأسف.. أسف على عدم إداراك دور المؤسسة الأمنية، فمن الطبيعى بل من الواجب عليها أن تقوم بمتابعة الجميع، والمتابعة هنا لا تحمل معنى التدخل فى أمورك وفى أمور العامة.. سيدى المواطن.. وإنما التدخل لمراقبة أى تحريض أو دعوات قد تكون من شأنها الفوضى أو الإيذاء.
وزارة الداخلية مهمتها الأولى والأخيرة هى تحقيق الأمن وبسط سيادة القانون، وهذا الدور لا يتعارض مطلقا مع الديمقراطية وحقوق الإنسان بل إنه من صميم الديمقراطية.. سيدى المواطن هذا التصرف لا يتعارض مع الحرية.. فكلنا يعلم أن حرية أى إنسان تنتهى على الفور إذا تعرض لحرية الآخرين، ومهمة وزارة الداخلية هو منع امتداد حريتك المصونة لتتعد من خلالها على حرية الآخرين.
مراقبة مواقع الإنترنت أمر هام وضرورى جدا، ومن الخطأ أن تقف ضد وزارة الداخلية إذا ما أقدمت عليه، ليس ذلك فحسب بل أن الخطأ الأكبر فى نفى وزارة الداخلية، فهذه المؤسسة العريقة ينبغى أن يكون لها أدواتها فى جمع المعلومات طالما أن هذه الأدوات شرعية وقانونية وتتم فى كل دول العالم المحترم، فمثلا هل تشك ولو لوهلة أن أمريكا ودول أوربا لا يجمعن معلومات من مواقع الإنترنت؟
سيدى الفاضل.. لا تدع ثوريتك تطغى عليك.. نعم هناك ثورتان قامتا فى مصر.. ولكن لم يقما ضد وزارة الداخلية فهذا اعتقاد خاطئ، وإنما قامتا ضد سياسات ضيقة الأفق داخل هذه المؤسسة، وهنا عليك أن تعلم أن هناك وجهتان لك لا ثالث لهما إذا كنت ترغب فى مؤسسة أمنية على طراز عالمى، الأولى هى أن ترى إيجابيات هذه المؤسسة وتحاول دعمها بكل الطرق، تدعم حربها على الإرهاب، تدعم محاولاتها لبسط الأمن ودرء الفوضى فى الشارع.
أما الوجهة الثانية فهى إذا رأيت بداخلها اعوجاجا فتخير الطريقة التى تصححه بها، ولا تتبنى قولا واحدا وطريقا مفردا لحل الأزمة، فمثلا الكثير يردد مصطلح التطهير وأن بدونه لن تتعاف الوزارة، هذا خطأ فليس كل من يعمل بالداخلية يحتاج تطهير، ولك أن تقل يحتاج الى إعادة تأهيل فإدراك مثل هذه المصطلحات هو الخطوة الأولى التى تساعدك على الحصول على مؤسسة وطنية، خاصة وأن كل العاملين بالوزارة سيتقبلونها فى الوقت الذى لن يتقبلوا فيه مصطلح تطهير حتى وان كانوا أنفسهم يؤمنون به.
لا أود أن أنسى فى مقالى هذا أن أتحدث عن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم.. تولى المهمة فى ظروف صعبة للغاية خلال فترة حكم الإخوان، وعاصر قرارات قوية اتخذها الدولة، ولولا عناية الله وحسن النوايا، لتعرض للسجن أو للموت.. حمل كفنه على يديه حينما عارض الإخوان فى نهاية حكم الرئيس السابق محمد مرسى وأصر على الانحياز لإرادة الشعب، أطاع قرار الحكومة فى فض ميدانى رابعة العدوية والنهضة وهذا قرار يحتاج لرجل شجاع.. تحمل الكثير من الهجوم على وزارة الداخلية فى أعقاب ثورة 30 يونيو، وحتى الآن لازال صامدا.. وكلنا يرى بالفعل عودة الأمن فى الشارع من جديد.. وكلنا يرى أيضا انتشار أفضل لقوات الشرطة فى كل أنحاء الجمهورية.. نعم الحرب على الإرهاب ليست سهلة ولكن شجاعة الرجل وباقى معاونيه إلى جانب إرادة الشعب فى دحر الإرهاب.. لن تفوت فرصة النصر بإذن الله.
إلى اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية.. شكرا .. أنت رجل محترم.. سر على بركة الله.. ولتعلم أنك أن خرجت من هذه الوزارة يوما من الأيام لا قدر الله.. ستخرج مرفوع الرأس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة