محمد فودة

محمد فودة يكتب.. الداخلية تستعيد عافيتها بـ«أكبر حركة» فى تاريخ الوزارة

الأربعاء، 06 أغسطس 2014 08:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تقتصر أهمية حركة التنقلات الأخيرة لوزارة الداخلية فى كونها الحركة الأكبر، والأشمل، والأعم فى تاريخ الوزارة وحسب، بل تجلت قيمتها الحقيقية وأهميتها التى لا يختلف عليها اثنان فى أنها كشفت النقاب عن الرؤى والأفكار التى يستند إليها اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية فى استراتيجيته بعيدة المدى، والتى يستهدف من خلالها عودة الأمن والانضباط إلى الشارع المصرى، إلى جانب إعادة الاعتبار إلى جهاز الشرطة الذى تعرض لأخطر عملية تشويه متعمدة، وذلك فى أعقاب ثورة يناير على يد تلك الجماعة الإرهابية، التى كانت تسعى بكل ما لديها من إمكانات من أجل هدم هذا الكيان، حتى تتمكن من فرض سيطرتها بالكامل على بلد كبير فى حجم ومكانة مصر.
وعلى الرغم من أن هذه الحركة لم تكن الأولى فى ظل تولى اللواء محمد إبراهيم منصب وزير الداخلية، إلا أنها جاءت هذه المرة لتؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن الرجل كان من قبل مغلول الأيدى، وكان يتحرك داخل دائرة ضيقة للغاية حددتها له تلك الجماعة الإرهابية التى كانت تحكم البلاد، أما الآن وفى ظل الأجواء الصحية التى شكلتها القيادة السياسية فى أعقاب ثورة 30 يونيو الشعبية، فإننا نلمس بشكل لافت للنظر أن الرجل أصبح يتحرك بحرية تامة دون أى إملاءات من أحد، ولم يحركه سوى ضميره المهنى والإنسانى.
لقد لفت نظرى فى الحركة الأخيرة لوزارة الداخلية أمر فى غاية الأهمية، وهو الدفع بأكبر عدد من القيادات الشابة لتتولى منصب مدير أمن ومساعد الوزير، فقد كانت تلك المواقع مقصورة على كبار السن من القيادات بوزارة الداخلية، أما الآن فقد أصبح هناك شباب يتولون هذه المواقع شديدة الأهمية وشديدة الحساسية أيضا، وأعتقد أن اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية أراد أن يجسد بشكل ملموس التوجه الذى تنتهجه الدولة فى المرحلة الحالية، والمتمثل فى إعطاء الشباب فرصاً حقيقية، والدفع بهم فى المواقع الخدمية، كما أن الوزير أراد أن يؤكد أن الاهتمام بالشباب لم يعد كما كان من قبل مجرد شعارات نسمعها من الوزراء فى المناسبات فقط، الأمر الذى يوضح لنا أسباب تولى جيل جديد من أبناء الوزارة هذه المناصب، وهو أن يصبح هؤلاء متواجدون فى الشارع على مدار اليوم، بعيداً عن المكاتب المغلقة التى لا يعرف أصحابها أى شىء مما يجرى فى الشارع.
على الرغم من أن الدفع بقيادات شابة قد يراه البعض مسألة ليست على هذا النحو من الأهمية، إلا أننى أرى أنها خطوة موفقة من الوزير، فدائما نرى أصحاب المصالح يقفون فى وجه أى تغيير، مستخدمين سلام التشويه والتقليل من شأن ما يجرى، طالما هم خارج هذا التوجه.
وهذا الأمر ليس جديداً على وزير الداخلية، فهو وكما رأيناه فى الفترة الأخيرة دائم التنقل بين المحافظات فى جولات مفاجئة، للتعرف على الحالة الأمنية بنفسه، دون أن ينتظر تقارير المتابعة التى كان يعتمد عليها وزراء الداخلية فى الحكومات المتعاقبة، وقد أسفرت هذه الجولات عن إحالة 7 لواءات إلى المعاش، نتيجة ما لمسه الوزير من قصور فى منظومة الأمن داخل هذه المحافظات التى زارها بشكل مفاجئ.
والحق يقال فإن اللواء محمد إبراهيم أراد أن يضرب القدوة والمثل للقيادة التى يجب أن يكون مكانها الطبيعى فى الشارع بين الناس بعيدا عن المكاتب المكيفة، مما يجعلنى أرى أن اعتماد الوزير فى الحركة الأخيرة على جيل الشباب جاء موفقاً، لأن الشباب هم الأقدر على القيام بتلك المهام، فهم يمثلون الشريحة الأكبر القادرة على مسايرة النهج الذى تسير عليه الدولة فى المرحلة الحالية، التى تشهد صحوة مجتمعية غير مسبوقة من قبل.
واللافت للنظر فى الحركة الأخيرة لوزارة الداخلية أيضا هذا الاهتمام الكبير بالارتقاء بمستوى مصلحة التدريب بالوزارة، فقد تم الدفع بعدد كبير من القيادات الأمنية المشهود لها بالكفاءة العالية، لتتولى مهمة تدريب وتأهيل الإدارات التى تم استحداثها فى الوزارة، وأيضا الإدارات التى كانت موجودة بالفعل، والتى للأسف الشديد لم تكن تقوم بالدور المطلوب منها، فمصلحة التدريب ومن خلال أهم وأكفأ قيادات الوزارة من أصحاب الخبرة الطويلة قادرون على تفعيل تلك الإدارات المنوط بها دور مهم فى المرحلة المقبلة، مثل إدارة «مكافحة العنف ضد المرأة» وإدارة «عسكرى الدرك» و«وحدات التدخل السريع».
وهناك مسألة فى غاية الأهمية أيضا فى تلك الحركة الأخيرة لوزارة الداخلية، حيث تضمنت تغيير 11 مدير إدارة مرور على مستوى المحافظات، وهى سابقة لم تحدث من قبل بهذا العدد الكبير، فكلنا نعرف أن مشكلة المرور من الأزمات التى تشكل عبئا ثقيلاً على عاتق أى وزير داخلية، لأن الانضباط إلى الشارع يبدأ دائما من خلال ضبط حركة المرور، كما أن مسألة إعادة الاعتبار إلى الشارع لن تتم إلا من خلال خلق منظومة مرورية متكاملة، تعتمد فى المقام الأول على توفير أقصى درجات الأمان للمواطنين. وبالطبع فإن تغيير مديرى المرور من شأنه يجدد الدماء إلى هذا المجال الحيوى الذى يرتبط ارتباطا وثيقاً بالمواطنين فى الشارع.
فضلاً عن ذلك فإن مسألة ضبط حركة المرور تعد مطلبا جماهيرياً، وبمثابة الخيط الرفيع الذى يربط بين المواطنين والدولة، ممثلة فى جهاز الشرطة، بعد كل المعاناة التى عاشها المواطنون فى ظل فوضى الشارع التى نجمت عن التدهور فى الحالة المرورية على مدى السنوات الماضية.
أعتقد أن حركة وزارة الداخلية التى خرجت على هذا النوع من الدقة المتناهية فى الاختيارات لم تأت من فراغ، أو تأت بشكل عشوائى، بل إنها وبكل تأكيد خرجت بعد دراسة متأنية وفحص دقيق للملفات، لأنه والحق يقال سيكون على عاتق جهاز الشرطة مسؤوليات جسام خلال المرحلة المقبلة، فالملف الأمنى كان ولا يزال وسيظل هو الملف الأكثر اهتماماً لدى القيادة السياسية، وهو الملف الذى تتوقف عليه كل الملفات الحياتية الأخرى، فمن غير الأمن لن تكون هناك تنمية ولا استثمارات ولا صناعة لا زراعة ولا أى شىء من شأنه تحقيق الاستقرار فى المجتمع.
وقد استوقفتنى فى الحركة الأخيرة لوزارة الداخلية مسألة فى غاية الأهمية، وهى حرص الوزير على أن يحضر بنفسه لجنة التظلمات للنظر فى تظلمات الضباط، وبحث ملفاتهم، وذلك فى إطار حرصه على الجانب الإنسانى والاجتماعى لضباط الشرطة وأسرهم، وهى مسألة تعد الأولى من نوعها، حيث لم يشارك أى وزير داخلية من قبل فى حضور جلسات لجنة التظلمات، وبالطبع فإن هذا إن دل على شىء فإنما يدل على ما يتمتع به الرجل من صفات حميدة، وقلب إنسان ينبض بالحب تجاه مرؤوسيه، وكل من ينتمى إلى وزارته.
مما يجعلنى أشدد هنا مطالباً بضرورة أن تكون القيادات الجديدة التى تضمنتها حركة وزارة الداخلية الأخيرة على هذا القدر من المسؤولية، وأن تسير هذه القيادات الجديدة على نفس خطى وزير الداخلية، الذى لا يكل ولا يمل من التنقل بشكل يومى بين المواقع الشرطية، ليس فى القاهرة وحسب بل فى المحافظات الأخرى مهما كانت بعيدة عن العاصمة، وأن تضع هذه القيادات الجديدة نصب عينيها مسألة عودة هيبة الشرطة من جديد فى الشارع، والذى سيكون له مردود كبير فى انضباط الشارع، وتحقيق معدلات أمن إيجابية فى فترة وجيزة.
إن ما فعله اللواء محمد إبراهيم فى وزارة الداخلية أشبه بالمعجزة، فقد تولى فى توقيت غاية فى الخطورة والحساسية، حيث كان من الممكن الفتك به، وأن يدفع الثمن غاليا جراء انحيازه لإرادة الشعب، ولكنه لم يعبأ بهذه الأخطار، واختار إعلاء شأن المصلحة العليا للوطن، مستعينا بالله عز وجل فى كل صغيرة وكبيرة، فأعانه الله على تحمل هذا العبء الثقيل، عملاً بقوله تعالى فى محكم آياته وقوله الحق «من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب» صدق الله العظيم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة