الأزمة التى أحدثتها مذيعة قناة أون تى فى يجب ألا تمر مرور الكرام. لا أقصد هنا أن ننصب المشانق للمذيعة على الجريمة التى ارتكبتها، فما فعلته فى رأيى قضى عليها كمذيعة بالضربة القاضية، وهذا فى حد ذاته أكبر عقاب لها. ما فعلته أمانى الخياط وسبها لشعب عربى مسلم شقيق ورميه بتهم تجارة الدعارة لا يمثل الحالة الوحيدة، هناك عشرات إن لم يكن مئات من الأمثلة التى تجعل من الضرورى علينا أن نعيد النظر كمجتمع وكوسط إعلامى فى الوظيفة الحقيقية للمذيع، كلنا يعلم أنه بعد ثورة يناير اختلط الحابل بالنابل فى مصر وأصيب الإعلاميون بحالة من الهياج، وأصبح الخطيب مذيعا، والشيخ المعمم مذيعا، ولاعب الكرة له برامج لا يكتفى فيها بالحديث عن الرياضة، وهات يا كلام ورغى فى أى شىء وكل شىء، المهم يكون صوته عاليا ويعرف يشتم ويحرج ضيوفه، ومن لا يعجبه يقفل عليه الهوا.
من هو المذيع وما هى وظيفته؟ سؤال قد يبدو بديهيا يدرسه طالب كلية الإعلام فى السنوات الأولى لالتحاقه بالجامعة، ولكن نحن نعيش فى زمن وبلد لم تعد تحترم فيه الأمور التى قد تبدو من البديهيات، بل إنها تقفز عليها وتكسرها وتعتبر من يتمسك بالأصول والقواعد، موضة قديمة، وتجد إجابته الجاهزة أن المشاهد عايز كده، تماما كما كان يبرر أصحاب ما كنا نسميه أفلام المقاولات، إن الجمهور عايز كده. المذيع يجب أن يكون محايدا سواء فى طرح القضية أو تناولها من خلال التوازن فى المعالجة وطرح وجهات النظر المختلفة إذا أتيحت أو ينوب عن الطرف الغائب فى طرح رأيه، هكذا بحرفية ووضوح بدون طنطنة، أو فذلكة أو تعال على المشاهدين. لكن ما يحدث الآن نتفرد به على كل إعلام الدنيا، لدينا المذيع المحرض، والمذيع الشتام، والمذيع السياسى الذى يعتقد أنه يخطب فى أنصاره فى دوار بلدهم، وهناك المذيعة الفذلوكة التى تدعى معرفتها بأى شىء وكل شىء، وهناك المذيعة التى تربى المشاهدين وتعلمهم ما يجب أن يكون وما يجب تفاديه، وضرورة أن يغسل المشاهد رجله قبل النوم، وإلى غير ذلك من ضروريات الحياة. الغريب فى الأمر أن الناس فاهمة وعارفة وواعية وتدرك المذيعة اللتاتة، من تلك التى تمارس دورها بحيادية وحرفية، ولكن للأسف الشديد البضاعة الفاسدة هى التى تطرد البضاعة الجيدة، عكس قوانين الدنيا كلها.
هناك حقيقة يجب أن نعيها، هناك من يحرص على مشاهدة الراقصة، ويتابعها، ويتغزل فيها، لكنه من داخله لا يحترمها، وهو على قناعة أنها لا تقدم فنا، إلا إذا وضعنا ما تقدمه تحت بند فن الإغواء، والدليل أنه أول من يسبها بعد أن يشاهدها ويرفض مثلا أن تعمل ابنته فى نفس المهنة ويرفض أن يتقدم ابنه ليتزوج من هذه الراقصة التى ربما يكون معجبا بها، نفس الأمر فى بعض المذيعين الذين يرقصون على الهواء، ويستخدمون ألفاظا يعف عن ذكرها اللسان، أو يشتمون أو يسبون أو يهاجمون لغير وجه الله، كل هؤلاء يرقصون رقصة مع الشيطان، ويتاجرون بمستقبل هذا البلد من أجل أن تزيد حساباتهم فى البنوك. حجم المشاهدة ليس كل شىء، بدليل أن مشاهدات فيلم حلاوة روح على الإنترنت ربما فاق حجم مشاهدات كل كلاسيكيات السينما المصرية الرائعة. يجب ألا يمر درس أمانى الخياط مرور الكرام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة