أحمد بان

وماذا بعد أيها الإخوان؟

الأحد، 17 أغسطس 2014 03:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عام مر على فض اعتصام رابعة العدوية، هذا الاعتصام الذى اعتقدت الجماعة أنها قادرة من خلاله على ردع الدولة والخضوع لمشروع الجماعة فى النهاية، أليست هى التى صنعت تاريخها فى العمل السياسى بالقدرة الفائقة على حشد الأنصار وصناعة المظاهرات الكبيرة والمسيرات الضخمة؟ تصورت أن تنظيم اعتصام كبير فى أهم ميادين مصر وعمل بؤرة تكبر مع الوقت لتضم كل الحانقين على النظام الجديد، فى ظل تنسيق مع الحليف الأكبر أمريكا، التى لم تفقد رهانها على الإخوان حتى بعد أن لفظهم الشعب بعد عام واحد، حيث ازدانت لافتات مسرح رابعة العدوية بالعبارات باللغة الإنجليزية، فى تأكيد على الرهان المتبادل بينهما وأصبح الاعتصام مسرحا لاجتماعات السفراء من أمريكا والاتحاد الأوربى والأفريقى، بالشكل الذى عزز لدى قيادات الجماعة أن الدولة ستخضع لمطالبهم فى النهاية، فى مواجهة رأى عام ضاغط نجحوا فى التأثير فيه، تكفلت آلة إعلامية غربية انطلقت فى العمل بكل طاقاتها وتنظيم دولى حرك كل أذرعه الإعلامية لتغليب الرواية الإخوانية للأحداث التى تلت 30 يونيو، فى ظل ترهل آلة الدولة الإعلامية وعدم قدرتها على عرض حقائق ما جرى.

بعد عام من فض الاعتصام الذى أطلقت عليه الجماعة مذبحة القرن العشرين و«هولوكوست جديد» بحق فصيل سياسى سلمى، حاول أن يطالب بحقوقه ويعترض على إقصائه من الحكم بوسائل غير ديمقراطية، بينما انصرفت دعاية النظام أن الجماعة تنظيم إرهابى يحاول تجميع بؤرة تكبر وتتسلح مع مضى الوقت بما يشكل خطرًا على الدولة، ويستلزم تدبيرا عاجلا فى مواجهتها حتى لو كان باستخدام القوة، وبعيدا عن تقرير مؤسسة هيومان رايتس وتش والجدل حول دلالات إعلانه بعد عام، أو اتهاماته للسلطات الرسمية بالمبالغة فى استخدام القوة فى فض الاعتصام وعدم ترك الفرصة للمعتصمين للخروج بشكل آمن، وبعيدا حتى عن تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى سجل ملاحظات سلبية على الطرفين الدولة والجماعة، ما زلنا فى انتظار تقرير لجنة تقصى الحقائق التى يرأسها قاض جليل هو الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض الذى لا يشك أحد فى موضوعيته ونزاهته.

ما يهمنى فى هذا الإطار وبعد عام هو كيف يرى الإخوان المستقبل؟ سواء مستقبل هذا البلد الذى فشلوا فى حكمه وترجمة ما تحدثوا عنه من قيم إلى واقع ملموس أثناء تجربة حكمهم، أو مستقبل ما يسمونه المشروع الإسلامى الذى رفعوا رايته وتوسلوا بالحكم سبيلا لتمكينه، ما هو الهدف بالضبط لدى الجماعة هل هو التمكين للقيم الإسلامية وقيم التقدم لتكون واقعا ملموسا يصلح البشر والحجر فى دولة ناهضة عمادها الأخلاق والعلم، أم حكم طائفة انعزلت عن المجتمع ولم تجسد معانى الشراكة أو القسط فى حكمها كما ادعت، ولم تنجح فى المعارضة كما لم تنجح فى الحكم؟ لم يسأل أحد من الإخوان نفسه السؤال الأهم وماذا بعد فشلنا فى أن نقنع المصريين بطريقة حكمنا؟ لم ننجح فى اكتساب ثقة القوى السياسية أو المجتمع، حتى التعاطف الذى كنا نعول عليه فى السابق لم يعد موجودا، ليس فقط بسبب التشويه الإعلامى الذى كان موجودا طوال الوقت، ولكن بفعل منهج الأثرة الذى كان شبيها إلى حد كبير بسلوك الحزب الوطنى الحاكم، كان خيارنا فى السابق أن التغيير يأتى عندما يتغير المجتمع فهل تغير المجتمع؟ هل تراجعت معدلات الجريمة هل ارتقت أخلاق الناس هل أصبح المواطن يغلب الصالح العام على مصلحته الضيقة، كان المجتمع وإصلاحه وفق تصوركم المرحلة الثالثة فى مشروعكم، حرقتم تلك المرحلة وتصورتم أنكم قادرون على اعتساف الطريق، فتحول المجتمع من ظهير لمشروعكم إلى عدو يجاهركم بالعداء ويتحرك ضدكم بل ويطاردكم فى الشوارع، وينظر لكل واحد منكم بالتوجس توسلتم بالسياسة لتمكين تصوركم عن الدعوة والدين فخسرتم الدعوة والسياسة معا، لأنكم أصررتم على أن تلعبوا كل الأدوار، كتبتم أنكم دعاة لا قضاة فتحولتم إلى دعاة وقضاة وحكام، ففشلتم فى كل الميادين وهذه نواميس الله التى تنكرتم لها «ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه» خسرتم التعاطف الشعبى، وخسرتم شبابا غرا طاهرا لا شك فى نواياه على مذبح السلطة، التى كنتم تكررون القول إنكم لا تريدونها ووعدتم بعدم المنافسة عليها، وعندما لاحت الفرصة تقدمتم إلى الثمرة المسمومة تلتهمونها بنهم شديد فى مغالبة لا تعرف الرحمة، لو كنتم تريدون نصرة الدين والقيم فكونوا دعاة للدين تحت مظلة أزهر يجب أن يبذل فى إصلاحه كل جهد ممكن، ولو كنتم تريدون الحكم فكونوا حزبا لا يخضع لمكتب إرشاد ولا يضع خطة تمكين فى الأرض بل خطة تمكين الوطن والمواطن، حددوا فضاء جهدكم وسعيكم ولا تلتبس فى نفوسكم المعانى والغايات والمسالك، إما الحكم وإما الدعوة يستحيل الجمع بينهما وهذا درس التاريخ الذى لم تفهموه يوما، كفاكم تمزيقا للوطن وإصرارا على العزف على وتر المظلومية، حقيقية كانت أم زائفة بفعلكم أم بفعل غيركم، عدل الله أعظم فراهنوا عليه ولا تكونوا قضاة وجلادين، ولا ترفعوا راية الثأر مع الدولة فما رفعت تلك الراية فى تاريخنا إلا جرت الخراب على الجميع، وقد كنتم تعتبون على الجماعة الإسلامية ما تحاولون الانخراط فيه الآن، أنتم فى المربع الخاطئ غادروه فورا والتحقوا بالوطن وكونوا قوة بناء لا قوة هدم أو تحريض على العنف تحت أى دعوة، لن يضيع سعى مخلص فأخلصوا النوايا لله وللوطن وفكروا للحظة من وضعنا فى هذا المصير.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة