فى خمسينيات القرن الماضى، كانت الإذاعة المصرية تقدم صورا غنائية، وهى تمثيليات تقدم صورا للحياة فى مصر، أذكر منها: السوق، والراعى الأسمر، وعوف الأصيل، وأبو صير وأبو قير، وعذراء الربيع، وغيرها..، وكانت بعض هذه الصور باللغة الفصحى وبعضها الآخر بالعامية.
ومن بين هذه الصور الغنائية صورة لا أذكر عنوانها، وأذكر أن بطلها اسمه "حسن" واشتهر بين الناس باسم "الذوق" لحلاوة لسانه وحسن أدبه وجودة أخلاقه.
فالذوق، فى العامية المصرية تعنى التأدب وحسن المعاملة ولين الجانب، وغيرها من الصفات الحسنة التى كان يتميز بها مجموع الشعب المصرى فى تلك الأزمان، والغريب أن مجمل أحداث هذه الصورة الغنائية كانت تدور حول ما إذا كان "الذوق" قد خرج من مصر أم لا، فى إشارة إلى تردى أخلاق من تتحدث عنهم تلك الصورة الغنائية، وضياع فضيلة "الذوق" بينهم.
كانت تلك الصورة الغنائية تنبه الناس إلى ضرورة أن لا يخرج "الذوق" من مصر، فهو سمة أصيلة من سمات شعبها وصفة حسنة من صفاته التى تميّز بها عبر القرون.
والآن ونحن فى بداية القرن الحادى والعشرين، تغيّرت مصر وتغيّر شعبها بفعل التكاثر والتكالب على الدنيا، حتى نسى الجيل الجديد كثيرا من الفضائل والمميزات التى تميز بها أهل مصر، وصار الناس ينسون - إلا قليلا - أن الدين الإسلامى والمسيحى اللذين يدين بهما الشعب المصرى يدعوان إلى السماحة ويحثان على حسن المعاملة بين الناس، وأن إحدى الحكم المأثورة عندنا تقول: "الدين المعاملة". ونسأل هل خرج "الذوق" من مصر؟ وحلت محله المعاملة الخشنة والجافة وسوء الأدب ؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة