الثقافات الخاصة ليست عيبا أو خطأ، وما يميز مصر حضاريا أن ثقافاتها الخاصة هى مصدر تنوع وإثراء للثقافة المصرية العامة التى تجمع كل المصريين، ولكن الخطأ والعيب هو محاولة الانغلاق والانكفاء على الثقافة الخاصة كبديل للثقافة العامة، فهذا يخلق عزلة وانعزالية للجماعة صاحبة هذه الثقافة الخاصة عن الإجماع المصرى بما يؤسس ويجذر لعوامل التقسيم والتفتيت، ومن سلبيات الخطاب الدينى المسيحى التركيز على هذه الثقافة الخاصة لتابعيه وما الثقافة الخاصة القبطية غير مرحلة تاريخية حضارية من مراحل التاريخ الحضارى المصرى تخص كل المصريين بلا استثناء، فالفن والتراث واللغة القبطية هى ما يخص كل مصرى مع العلم أن ما يطلق عليه العادات والتقاليد القبطية الخاصة أغلبها يمارس فى الإطار الكنسى وما دون ذلك من عادات وتقاليد وتراث وثقافة عامة وفن يمارسه المصرى القبطى خارج الكنيسة، وهذا ما يميز ويُقرب الأقلية العددية القبطية من إجماع المصريين عن انكفاء باقى الأقليات على عاداتهم وتقاليدهم مثل النوبة والبدو، ولكن للأسف الخطاب الدينى المسيحى يتعامل مع اللغة القبطية بشكل إقصائى تمييزى فيه خلط كبير بين ما يخص التراث الحضارى المصرى المشترك بين كل المصريين وبين ما هو دينى وعقيدى يخص المسيحيين، فمن قال إن اللغة القبطية هى لغة المسيحيين فقط دون غيرهم من المصريين الذين يعتزون بتراثهم المصرى القديم؟ وما هى علاقة القبطية بالديانة المسيحية من الأساس؟ وهل على كل مسيحى فى العالم أن يعلم اللغة القبطية وأن يتعلمها وأن يمارسها حتى على صك المسيحية؟ اللغة القبطية هى آخر مراحل تطور اللغة المصرية القديمة والتى كان يتكلمها المصريون عند دخول المسيحية مصر، ولذا كان من الطبيعى أن تكون لغة لصلاتهم فى الكنائس، وبعد دخول الإسلام والعرب إلى مصر وبعد تحول المصريين إلى الإسلام كان من الطبيعى أيضا أن يتكلم الجميع باللغة العربية وأن تصبح العربية إلى لغة الصلاة فى الكنائس مع الاحتفاظ باللغة القبطية كتراث مصرى قديم، ولكن للأسف هناك تيار انعزالى يدعو إلى العزلة والهجرة إلى التاريخ بأسلوب سلفى رجعى متخلف، متصورا أن اللغة القبطية هى لغة الكنيسة والمسيحية ويجب أن يجيدها كل مسيحى فيتم تعليمها فى مدارس الأحد والحضانات المسيحية متخيلين وهادفين أن تكون يوما لغة المسيحيين الخاصة وهناك من يتعامل بها فى المنازل وهناك من الكنائس من يصلى باللغة القبطية ويحرم الصلاة باللغة العربية، بل هناك بعض الأساقفة المتطرفين يعتبر أن اللغة القبطية هى لغة الملائكة والسمائيين ولا نعلم من أين جاء بهذه الهرطقات؟ بل هناك من هم أكثر تطرفا ويريد أن تكون القبطية بديلا عن العربية رافضا العربية لأنها لغة القرآن وأن العربية قد فرضت على الأقباط قهرا، وجهل وتعصب وانكفاء هؤلاء جعلتهم لا يعلمون أن اللغة العربية هى لغة سامية قد تحدث بها أولاد سام وأنها قد ظهرت قبل ظهور الإسلام بآلاف السنين بل إن العربية قد أكد قدمها وساميتها الإنجيل فى سفر أعمال الرسل فقد كان العرب ضمن الذين حضروا حلول الروح القدس يوم الخميس فى أورشليم، كما أن اللغة لا ولم ولن تفرض قهرا، وإلا فلماذا يوجد هناك شعوب إسلامية كبيرة وتتكلم لغاتها الخاصة بها قبل الإسلام ولا تتكلم العربية، مع العلم أن اللغة القبطية هى لغة ميتة ولغة تلفيقية بين اليونانية والمصرية القديمة. اللغة العربية هى لغتنا التى نعتز بها وهى لغة التواصل والفكر والتعايش، فماذا تريدون لنا ولمصر؟ فلنضع الأمور فى نصابها الصحيح حتى تظل مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة