ما أجملها لحظات تلك التى ترى فيها أحلامك وهى تتحقق أمام عينيك، وما أروعها أفكار تلك التى تتحول إلى كيان ينمو أمام ناظريك وتتجسد شيئاً فشيئاً إلى أن تصبح واقعاً ملموسا وكياناً ضخماً يسد عين الشمس ويؤكد للمشككين والمسبطين للهمم أن ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل.
لم أتمالك نفسى من هذا الشعور من السعادة والفخر الذى غمرنى وأنا أتجول داخل مشروع تطوير مستشفى زفتى العام الذى أوشك على الانتهاء، فما أن وطأت قدماى داخل المبنى حتى انتابنى شعور مفعم بالمشاعر الإنسانية تجاه البسطاء من أهل بلدى فى زفتى بمحافظة الغربية الذين من أجلهم كنت قد بدأت رحلتى مع مشروع تطوير هذا المستشفى منذ أكثر من عامين.
نعم من أجل أبناء بلدى كنت قد عاهدت الله عز وجل على أن أسعى جاهداً من أجل إعادة الاعتبار لهذا المستشفى الذى للأسف الشديد تحول بسبب الاهمال والتسيب إلى ما يمكن وصفه بالمستنقع فقد كان يستخدمه بعض الخارجين عن القانون وكراً لتعاطى المخدرات على مرأى ومسمع من الجميع.
وحينما فكرت فى هذا المشروع وتبنيته لم يكن لى أية مطالب شخصية أو انتظار لأى مقابل إلا أن أنال رضا الله وأن أحقق أمنية شاهدتها فى أعين أبناء بلدى الطيبين الذى أعرف جيداً مدى معاناتهم وهم يسافرون لمسافات طويلة من أجل الحصول على العلاج فى مستشفى ببلد مجاور يقدم خدمة طبية على مستوى يليق بآدميتهم ويصون لهم كرامتهم.. وقتها لم أكن أنتظر أى مقابل فقد كانت النوايا مخلصة لهذا سخر لى الله عز وجل أشخاصا «محترمين» أعانونى على تحقيق الحلم وأسهموا بقدر كبير فى دخول المشروع إلى حيز التنفيذ، فالفضل لابد أن يرجع إلى أصحاب الفضل وفى مقدمتهم الدكتور فؤاد النواوى وزير الصحة الأسبق الذى دفعته قناعته بالفكرة إلى التحمس لها مائة فى المائة والموافقة على البدء فورا فى الخطوات التنفيذية ولم يكتف بالموافقة على تخصيص مبلغ 55 مليون جنيه للمشروع وحسب بل كان حريصا على متابعة ما تم من إجراءات وخطوات وظل على هذا النحو حتى حتى جاءت لحظة تركه للوزارة قائلاً لمساعديه أوصيكم بمستشفى زفتى العام خيراً.
ولم يكن الدكتور فؤاد النواوى وزير الصحة الأسبق هو الشخص الوحيد الذى تحمس للفكرة وساند تنفيذ المشروع فقد كان هناك أيضا حماس وتشجيع محافظ الغربية السابق المستشار محمد عبدالقادر فقد ساعدنى بكل ما يملك من منطلق مسؤوليته وقدم الكثير والكثير من كل أشكال الدعم والتوجيه بالتنفيذ بشكل عاجل ولم يبخل بوقته وجهده إلى أن وصل إلى مرحلة توقيع عقد تنفيذ المشروع الذى تم بحضورى وبحضور الإعلامية ريهام سعيد حيث ذهبنا إلى موقع المستشفى فى أول يوم عمل وشهدنا لحظة ميلاد المستشفى من جديد.. كما أبدى الدكتور محمد شرشر وكيل وزارة الصحة بمحافظة الغربية اهتماما واضحا بالمشروع وذلك فى القيام بإنهاء الإجراءات الإدارية والموافقات المطلوبة من أجل تنفيذ المشروع فى الوقت المحدد له.
وجاء اللواء محمد نعيم محافظ الغربية الحالى فأحاط المشروع بالاهتمام والرعاية من خلال جولاته العديدة التى كان يحرص عليها من أجل الوقوف على مراحل التنفيذ بل والقيام بتذليل العقاب وذلك بتسوية المسحقات المالية للشركة المنفذة.
والحق يقال فإن كل تلك الرعاية والاهتمام على المستوى الرسمى للفكرة لم تأت من فراغ فما من أحد كان يرى ما آل إليه حال المستشفى من وضع متدهور حتى يبادر على الفور بإبداء الرغبة الصادقة فى دعم المشروع فمبنى المستشفى يحتل موقعاً متميزًا على النيل مباشرة.. لكنه وللأسف الشديد قد تحول إلى مجرد بركة للحشرات والزواحف وملجأ للأمراض المتوطنة بدلاً من أن يكون سبباً فى علاج هذه الأمراض.. فضلا عن ذلك فهناك قناعة شخصة تتملكنى وهى أنه يجب أن يكون هذا المبنى صرحاً طبياً تفخر به محافظة الغربية بأثرها بين بقية المحافظات الأخرى لما للمبنى من موقع فريد قلما نجده فى مستشفى آخر فى أى مكان على أرض مصر.
والحق يقال فإن الإعلام التنموى كان له عظيم الإثر أيضاً فى تحقيق الحلم والمضى قدماً من أجل تنفيذ مشروع تطوير وتحديث مستشفى زفتى العام فقد ساندنى الكثير من الزملاء والأصدقاء الإعلاميين المخلصين الذين يؤمنون بدور الإعلام الحقيقى فى خدمة المجتمع وفى مقدمتهم الكاتب الصحفى والإعلامى المتميز خالد صلاح رئيس تحرير «اليوم السابع» فقد أسهم كثيراً فى إلقاء الضوء على المستشفى ليصبح مشروع التطوير مسألة ضرورية فى أذهان المسؤولين وصانعى القرار فى المجال الصحى من خلال عدة مقالات ولقاءات تليفزيونية وأيضا الإعلامية المتميزة ريهام سعيد التى قدمت من خلال برمانجها الاجتماعى الناجح صورة حية لمظاهر الاهمال الذى ظل عليه المستشفى على مدى أكثر من 13 عاماً من التسيب و«الخراب»، وقامت بمتابعة خطوات التنفيذ بداية من لحظة توقيع العقد مع الشركة المنفذة حيث نقلت صورة حية من زفتى جسدت خلالها لحظة توقيع الاتفاق على تطوير المستشفى مع الشركة المنفذة.
كل تلك المراحل مرت أمامى وكأنها شريط سينمائى فى خلفيته موسيقى مفعمة بالمشاعر الإنسانية، فأنا وعلى الرغم من قناعتى التامة بأن هذا المشروع الخاص بتطوير المستشفى هو حق مشروع وليس منة من أحد، إلا أننى لم أكن أتصور أن أراه على هذا النحو من الجمال والروعة، فالمستشفى بحق قد أصبح الآن بمثابة صرح طبى يفخر به كل مواطن فى مركز ومدينة زفتى بل فى محافظة الغربية بالكامل حيث سيتم تجهيزه على أعلى مستوى من الجودة ليضم أحدث الأجهزة والمعدات الطبية العالمية فى شتى التخصصات الطبية.
إن العمل يجرى الآن على قدم وساق من أجل الانتهاء من تطوير المستشفى وتأثيثه وتجهيزه وذلك لأنه من المقرر أن يتم الافتتاح إن شاء الله فى أكتوبر المقبل واعتقد أنه ليس مستغرباً أن يتم افتتاح المستشفى خلال شهر أكتوبر شهر الانتصار العظيم وشهر التحدى الأكبر لمصر، فالمستشفى بهذا الشكل أشبه بالمعجزة وتجسيد حقيقى للصمود والقدرة الفائقة على تجاوز المحن والعقبات وقهر المستحيل.. لذا فإننى أوجه الدعوة من الآن إلى المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء لحضور حفل افتتاح المستشفى لمشاركة أبناء زفتى فرحتهم بهذا الإنجاز التاريخى، فأبناء زفتى أصحاب التاريخ الوطنى المشرف ليس كثيراً عليهم أن يكون معهم وبينهم رئيس وزراء مصر فى هذه المناسبة الكبرى.. فضلاً عن أن هذا المشروع لا يقل فى أهميته عن تلك المشروعات التى يحرص رئيس الوزراء على متابعتها فى جميع أنحاء مصر من أجل خلق البسمة على وجوه البسطاء من أبناء الشعب.
ومن منطلق صدقى مع النفس فإننى أكرر أن هذا المشروع ليس ملكاً لأحد وليس حكرا على شخص بعينه، وهو ما يجب أن نضعه نصب أعيننا، فكل من يمتلك شيئا مفيدا ونافعا لهذا المشروع يجب ألا يتوانى ولو للحظة فى القيام بهذا الأمر وأنا أول من يفعل ذلك فقد كرست كل ما فى وسعى من أجل إنجاز هذا العمل العظيم، وعلى الرغم من ذلك فإننى حينما أتحدث عن هذا المشروع وعن أحلامى التى تجول فى وجدانى وأتمنى تحقيقها من أجل أهل بلدى لم ولن أقصد على الإطلاق أن أنسب لنفسى أى شىء فهذا الأمر اعتبره واجباً أضعه دائما نصب عينى فأحمد الله وأشكره على هذه النعمة التى وهبها لى حيث حبانى بالقدرة على العمل العام وخدمة الناس، وهى نعمة يرزقها الخالق إلى عباده المخلصين فقد قال سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فى حديثه الشريف (إن لله تعالى عباداً اختصهم بحوائج الناس، يفزع الناس إليهم فى حوائجهم، أولئك هم الآمنون من عذاب الله).
كما أننى كنت قد عاهدت الله من قبل على أن أبذل كل ما أستطيع القيام به وتقديم كل ما أمتلك من إمكانات لأجل إسعاد أهل بلدى الطيبين فى زفتى الذين لا يسعنى فى هذه الأيام المباركة إلا أن أقول لهم «كل عام وانتم بخير» وأنا على العهد ماض وعلى الدرب سائر وأننى سأظل ما حييت وفياً لهم مهما شكك المشككون ومها كانت سهام الحاقدين فأنا لا ألتفت إلى مثل تلك الصغائر، لأن العمل العام سلوك اخترته لنفسى انتهجه وأسير عليه عن قناعة تامة من أجل مستقبلكم المشرق.
وعلى الله قصد السبيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة