ستظل الثورة الفرنسية مصدر إلهام كل الشعوب التى تطمح إلى الحرية والعدالة، ويوم 14 يوليو تمر على اندلاع هذه الثورة الأم 225 عاما، إذ انتفض الشعب الفرنسى فى مثل هذا اليوم سنة 1789 ضد حكم البطش والقهر والضيم الذى يمثله الملك لويس السادس عشر وزوجته الجميلة مارى أنطوانيت من ناحية، ورجال الكنيسة الذين يتخذون الدين ستارا لتمرير مصالحهم من ناحية أخرى.
لم ينزع الشعب الفرنسى عن نفسه ثياب الرعب من جبروت الحكام ورجال الدين إلا بعد سنوات طويلة من الاطلاع والمعرفة، فلولا كتابات جان جاك روسو ومنتسكيو وفولتير وغيرهم ما تمكن الفرنسيون من اكتشاف قدراتهم والانتباه إلى حقوقهم المسروقة، ولولا إبداعات الفنانين والمسرحيين ما أدرك أهل باريس أن الحياة نعمة وليست عقوبة، وأن الحرية والعدالة والمساواة بين البشر أهداف سامية ينبغى تحقيقها والدفاع عنها ببسالة. لقد غيرت الثورة الفرنسية العالم تغييرا جذريا، وتبدى هذا التغيير فى أوروبا على وجه الخصوص، حيث تحولت من النظام الإقطاعى إلى النظام الرأسمالى، الأمر الذى يعنى أن البشرية قررت أن تهجر أخلاق وسلوكيات المجتمع الإقطاعى الذى يتكئ اقتصاديا على الزراعة والمقايضة كى تؤسس لنفسها أخلاقا جديدة وسلوكيات حديثة تناسب العصر الصناعى الرأسمالى الوليد، وهو عصر أكثر تقدما وإنسانية بالقياس للعصر الذى سبقه.
صحيح أن الثورة الفرنسية ظلت تضج باضطرابات وصراعات ومحاكمات واغتيالات طوال عقد كامل، وصحيح أن نابليون الذى آلت إليه السلطة فى سنة 1799 قد جردها من الحس الديمقراطى، لكن الفرنسيين كانوا قد قرأوا وفهموا، وذاقوا طعم الحرية، فاستعادوا جمهوريتهم سريعا وأسسوا نهضة حديثة ينعم بها كل سكان الكوكب منذ قرنين وما زالوا!
فى مصر.. ثار الناس فى يناير 2011 ضد مبارك ونظامه دون أن يقرأوا ويدرسوا الثورات الأخرى بما فيه الكفاية، ثم استغل الإخوان والجماعات المتاجرة بالدين طيبة شعبنا واستولت على السلطة، فكررنا الثورة ضد مرسى وجماعته حين اكتشفنا غدرهم وجهلهم، لكننا لم نقرأ ونعى بعد طبيعة الثورات وكيفية إدارتها لصالح الشعوب. ليتنا نعيد قراءة الثورة الفرنسية لنفهم ماذا حدث لثورتنا!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة