براء الخطيب

أكرم القصّاص و«مبارك.. أحلام السلطة وكوابيس التنحى»

السبت، 28 يونيو 2014 02:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كتابه «مبارك.. أحلام السلطة وكوابيس التنحى» يقدم «أكرم القصّاص» نموذجا فريدا فى الكتابة عن الشخصيات التاريخية، وأقصد بكلمة «تاريخية» هنا أنها أصبحت بين يدى التاريخ يحكم لها أو عليها وأنها شخصيات قد انتهى تأثيرها - كأشخاص وليست كأنظمة للحكم - فى الواقع، فقد انتهى دورها وأصبحت من التاريخ، وبهذا المعنى يتناول «أكرم القصاص» السيرة الذاتية للرئيس الأسبق «محمد حسنى مبارك» ليظهر فى المقالات الثلاث التى قرأتها حتى الآن شخصية تراجيدية بالمعنى الإغريقى للدراما، فقد بدأ حياته العملية كضابط طيار مقاتل قاتل أعداء الوطن فى معاركه العظيمة دفاعا عن وطنه وشعبه وانتهى به الأمر «مخلوعا» ومتهما بالسرقة والاختلاس وبقتل المتظاهرين من أبناء شعبه الذى حكمه ما يزيد عن ربع قرن بخمس سنوات، وكأى شخصية تراجيدية فإنه كان يحمل بذرة فنائه منذ نشأته، قرأت «الحلقة الأولى»: كيف تصرف مبارك فى اليوم التالى للتنحى؟.. طلب الاتصال بالنائب والمشير.. وانقبض من مشهد الأفراح فى الشوارع.. وتذكر شاوشيسكو وصدام وقال بلدنا مش كده، واستنتجت بينى وبين نفسى أن «أكرم» سوف يستخدم تقنية «الفلاش باك» المستخدمة فى كتابة السيناريو للسينما أو مسلسلات التليفزيون وهى تقنية ملائمة تماما ومبهجة وضرورية للكتابة المنشورة فى الصحف على حلقات، فى مزيج جميل بتفسير وعرض الوقائع وأسبابها بالرجوع للماضى لتفسير ما يحدث الآن فى كل التراجيديات حيث تظهر البذرة الأولى الكامنة فى أعماق الشخصية تلك البذرة التى تحمل أسباب فناء الشخصية فى نهاية التراجيديا، بعد قراءتى الحلقة الأولى انتظرت الحلقة الثانية: حيث «قال لأوباما: أنت لا تعرف وبعدها سأل نفسه: من يكون هذا الشعب ولماذا ثار ضدى؟.. عندما سقط الإخوان اعتبره تحقيقا للنبوءة.. وأصيب بأزمة بعد تأكده أنه متهم»، بعد قراءتى للحلقة الثانية تأكدت من امتلاك «أكرم» أصول الكتابة بمثل هذه التقنية التى تبدو بسيطة فى سهولتها وانسيابيتها لكنها تبقى تقنية شديدة التركيب والتعقيد وبالرغم من ذلك فإنها تقدم للقارئ تلك التراجيديا فى سهولة يستوعبها بسرعة وبدون إجهاد ذهنى وبمتعة فى نفس الوقت، بعد الحلقة الثانية انتظرت بشغف أكبر الحلقة الثالثة عن: «رحلة أجداد مبارك من البحيرة إلى المنوفية.. قصة صاحب الكرامات.. عبدالعزيز باشا فهمى توسط لتوظيف والده حاجبا.. وأدخل مبارك الكلية الحربية»، هنا تتجسد إمكانيات أكرم الحقيقية فى على تملك تلك التقنية فيمزج بين الماضى الذى انتهى وصار تاريخا وبين الواقع الذى سوف يصل إلى مستقبل منظور، ويخدعنا «أكرم» كقرّاء فيتخذ سمت «المحايد» الذى يعرض التاريخ والوقائع بحيادية، لكن بالرغم من خدعة «الحيادية» هذه يكمن انحياز «أكرم» للحقيقة والوقائع التاريخية كما يراها هو بوجدانه الذى ينحاز للوطن والحقيقة فى مزج راق بين الذاتى والعام، مثلا يكتب أكرم: «وبدا مبارك غاضبا من الاتهامات بالفساد، أكثر من غضبه من اتهامه بقتل المتظاهرين. بدا حريصا على إبراء شرفه العسكرى والسياسى» هنا يظهر الأمر كما لو أن هذه مجرد اتهامات كاذبة وظالمة من وجهة نظر «مبارك»، وهنا لا يكتفى «أكرم» بهذا العرض المحايد فيضيف: «لكنه لم يعترف أبدا بارتكاب أخطاء سياسية تسببت فى الكثير من المشكلات، والفقر والظلم». هنا يظهر رأى الكاتب بأن «مبارك» قد تسبب فى كثير من المشكلات والفقر والظلم، لكن هل كان مبارك «مجرد شخص» سقط، أم كان «نظاما» لم يسقط بعد؟ وأنا أعتقد أن «أكرم القصاص» سوف يقدم لنا الإجابة على مثل هذه الأسئلة، لكن فى الحلقات القادمة وهذه الإجابات هى ما سوف تعطى الكتاب قيمته فلابد أن يقول لنا عن «طبيعة السلطة» التى حكمتنا وثار عليها الشعب.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة