انقطاع المياه فى القاهرة الجديدة!

«ماذا تفعل إذا استيقظت من نومك فى الخامسة صباحًا – كما يطالب الرئيس السيسى – ووجدت المياه مقطوعة؟ إذا قاومت غضبك بالصبر فى اليوم الأول لهذا الانقطاع، فهل تضمن أن تحافظ على هدوئك فى اليوم الثانى والثالث والرابع؟».

هذا ما قاله لى أحد المهندسين من قاطنى التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، ثم أضاف متحسرا: «لقد تغربنا سنين عددا لنجمع بعض الأموال لنقتنى شقة صغيرة فى أحد الأحياء الراقية – كما قالوا لنا – لنضمن توفير الخدمات الأولية بشكل معقول»، ثم استطرد غاضبا: «وهل يوجد أهم من الماء فى هذه الدنيا؟».

الحق أن ظاهرة انقطاع المياه، ومعها الكهرباء، صارت من أكثر المنغصات التى يلاقيها الشعب المصرى، فى طول البلاد وعرضها، وإذا كان صاحبنا يعانى من انقطاع المياه فى التجمع الخامس، وهو جزء من مدينة حديثة يفترض أن تكون مكتملة الخدمات، ذات معدات وأجهزة سليمة، فلك أن تتخيل كيف الحال فى الأحياء القديمة أو فى مناطق العشوائيات أو فى الصعيد الجوانى؟

أنت تدرك طبعا أن الأنظمة السابقة أهملت إهمالا جسيما تطوير البنية التحتية وتحديثها بما يلائم احتياجات البشر الذين يزدادون بكثافة كل عام، وتعلم أن نظام مبارك كان مشغولا بالنهب والتوريث أكثر بكثير من اهتمامه بالنور والمياه، وأن مرسى كان مهووسا بالأخونة فقط لا غير، ومع ذلك لا يصح أن يستمر الحال هكذا، وإذا كانت الحكومة فى عهدها الجديد تؤكد على أنها ستعمل على استعادة هيبة الدولة وتوفير الأمان للناس - وهذا واجب يحترم ويقدر - فأظن أن الأمان يستلزم أيضا توفير المياه والكهرباء، فلا أمان بدون ماء، ولا أمان بدون نور!

الأنكى أن نيران الشمس تلهب أجساد الناس هذه الأيام، وما من معين لمواجهة اللهب والقيظ إلا بالمياه، فكيف لا تضع الحكومة قضية المياه على رأس جدول أعمالها، ولتخبرنا متى بالضبط سيصبح من حق ملايين المصريين تناول مياه الشرب النظيفة، لا فى القاهرة الجديدة أو شبرا أو المعادى، بل فى سوهاج وقنا والبحيرة وأسوان؟!
لتتقى غضب الناس وفرى لهم المياه يا حكومة!