الدين فى مصر له دوره الخاص وتأثيره العميق فى الشخصية المصرية تكوينا وسلوكا، معتقدا وفكرا، وذلك لإيمان المصرى بالدين والتدين من قبل نزول الأديان السماوية، الشىء الذى ظهر جليا فى انتشار المسيحية فى مصر فى وقت قياسى، حيث تم الاستبدال برموز فرعونية أخرى مسيحية، مثل رمزية الثالوث المسيحى بالثالوث المصرى القديم، وعلامة الصليب بمفتاح الحياة، والكنيسة بالمعبد الفرعونى، والكهنوت المسيحى بالكهنوت الفرعونى، كذلك دخول الإسلام إلى مصر فتحا وليس غزوا، وانتقال الكثير من المصريين إلى الإسلام مثلما كان عندما انتقلوا من الديانة المصرية القديمة إلى المسيحية، كذلك استقبال مصر لكثير من الأنبياء ورعايتهم وحمايتهم، فقد استقبلت مصر إبراهيم أبو الأنبياء وكرمت يوسف وربت موسى وهذبته بحكمة المصريين، وحمت المسيح، فكان هذا طبيعيا ولم يحدث فى بلد آخر، ولذا فقد كرم الله مصر فى كتبه السماوية.
ولارتباط المصرى بالدين والتدين، وبالمسجد والكنيسة، وتأثره بالخطاب الدينى المطروح، سواء كان فى المؤسسات الدينية الرسمية، أو غير الرسمية من خلال وسائل الإعلام المتعددة والمتناقضة فى كثير من الأحيان، يصبح الخطاب الدينى من الأهمية بمكان، حيث إن تأثيره يمتد خارج النطاق الدينى إلى باقى مناحى الحياة الاجتماعية والثقافية والسلوكية والقيمية والأخلاقية، بل الأهم تحديد العلاقة مع الآخر قبولا أو رفضا، أى أن الخطاب الدينى المسيحى والإسلامى يشكلان ويساهمان ويؤثران فى تكوين الشخصية المصرية، هذه الشخصية التى هى عماد الوطن وقوته دون تحديد هوية دينية، لأن المصريين مواطنون ولهم حق المواطنة دون تفرقة، فمن خلال المعايشة والمشاركة والعيش المشترك ووحدة الوطن لجميع المصريين يصبح تأثير الخطاب الدينى بشقيه المسلم والمسيحى له نفس الأثر وذات التأثير على المصرى سلبا وإيجابا، وهنا لابد أن نفرق بشكل محدد بين النص الدينى ومصادر العقيدة وبين الممارسات الحياتية والتفسيرات الذاتية والأفكار الشخصية والاجتهادات التى تقبل الخطأ والصواب، ولما كان الفكر الدينى هو فكر البشر فى تفسير النص، حيث إن الخطاب الدينى يعتمد كثيرا على الفكر البشرى فى تفسير النص الدينى، يمكن أن تقع تلك الأفكار وهذه الاجتهادات فى دائرة الخطأ والصواب، فالبشر غير معصومين من الخطأ، لذا كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة التى وصلت مع التراكم ومن خلال التواتر والنقل إلى مستوى الممارسات العقدية لدى البعض، مما جعل هناك خلطا بين الدين، وبين تلك الممارسات الحياتية الخاطئة، الشىء الذى سحب قداسة الدين على تلك الممارسات حتى أصبحت مقدسة، وإذا كان الدين مقدسا من منطلق أنه مصدر الإيمان وجوهر العقيدة، فإن تقديس غير الدينى لا علاقة له بالإيمان ولا بالعقيدة، فهو يقبل القبول والرفض، خاصة فيما يختلف ويتناقض مع جوهر الدين ومقاصده العليا، ولذا كانت دعوة الرئيس السيسى لتطوير الخطاب الدينى الإسلامى والمسيحى فى خطابه بقصر القبة مهمة ومطلوبة، حيث يساهم هذا الخطاب فى إظهار عظمة الأديان وسماحتها وقبولها للآخر، حيث إن الاختلاف سنة وإرادة إلهية، ولذا فقد رأينا مناقشة الخطاب الدينى المسيحى وما له من تأثير على المواطن المصرى المسيحى، الشىء الذى سيجعلنا نناقش بعض القضايا المهمة، مثل فكرة الاستشهاد والنظرة إلى المعجزات، وتأثير ذلك على تكريس الفكر الغيبى الذى لا يتوافق مع بناء مصر الحديثة، مصر كل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة