لكل مهنة موسمها، الترزى والجزار فى الأعياد، والكنفانى فى رمضان، وما إلى ذلك، وكل مرحلة تفرض مهنتها المرتبطة بما جد، فظهور الموبايل خلق مهنا مرتبطة به، ومع دخول عصر «السماوات المفتوحة» ظهرت مهنة الدش، وشخصية التى يمتهنها لا تفرق كثيرا عن شخصية السباك المعتزة بنفسها، فهو يعرف أنه لا يذهب إلى أحد لا توجد عنده أزمة حقيقية تستدعى وجوده، ولهذا يرد عليك رد الذى سيضحى «بمصالح» أخرى لكى يحل مشكلتك، وربما أظهر مودة لم تكن تتخيل أنه يحملها تجاهك، عادة ما يكون قليل الكلام، وربما اكتشفت أنه فنان، وأنه يمارس هذا العمل مؤقتا إلى أن يقف البلد على رجليه، ويحترم رعاياه، هو يعرف أشياء لا تعرفها، ويتحول وهو يقلب بالريموت إلى ساحر يعرف أشياء تؤهله إلى شغل منصب أنت مضطر إلى احترامه.
تزدهر مهنة رجل الدش فى المناطق الجديدة، وفى مواسم التشفير التى لا يرد فيها على تليفونك من أول مرة، وإذا رد يسألك مجددا عن نوع الرسيفر وسرعة النت، ويقترح عليك بالطبع شراء الأحدث، وإذا جاء، يكون متجهما ويتحدث فى تليفونه أكثر من الحديث معك، هو ينجز مهمته ويلبسك الطربوش بمزاجك، وتلوم نفسك أحيانا لأنك فكرت فى تغييره، يعيش رجل الدش - الذى يختلف الريفى منه عن المدنى - أزهى مراحل حياته مع بطولة كأس العالم التى احتكرتها قطر، لأن زبونها أكثر تحضرا من زبون أفلام المناظر، ويعرف أنه يمتلك دماغا يمكن التفاهم معه، ويعرف أننا فى موسم، غضب المصريين هذا العام من قطر أصابه بالغرور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة