حياتى كانت مشيًا وعدوًا ولهاثًا وضياعًا فى شوارع الدنيا المختلفة. مشيت وتعذبت فى شارع الحب، لكنى فى آخر الشارع تمنيت لو أننى لم أخطُ خطوة واحدة فيه.
وجدت شارع الحب أقرب الشوارع إلى جهنم. فلا حب ولا يحزنون، وإنما مجرد كذب يخفى فى العسل مرارة الأنانية والقسوة. شارع الحب ملىء بالزهور الجميلة، وأيضًا بالحفر والأشواك، والشوق واللهفة فيه وجههما الآخر هو العذاب والسهاد.
ومشيت فى شارع الصداقة فلم أحصد سوى الأحزان. فلا صداقة حقيقية إنما مصالح ومادة. والأصدقاء أو من اعتقدنا أنهم أصدقاء، لم يفعلوا فى حياتنا سوى القشور والكلام المجوف، لكن لا أحد يقدم عطاء مخلصًا، والكل يريد أن يأخذ ويأخذ ويأخذ، فإذا لم يأخذ يعطينا ظهره ويختفى بمنتهى البساطة. حاول أن تتذكر كم الأصدقاء الذين سقطوا منك فى الطريق ونسيتهم ونسيت حتى أسمائهم!
ومشيت فى شارع الحرية أو هكذا تصورت، حتى اكتشفت فى نهايته أننى طوال المشوار كنت عبدًا مقيدًا بسلاسل وقيود من حديد أو حرير، لا يهم، لكن المعنى أننى عرفت الوهم الذى اسمه حرية.
ومشيت فى شارع الجمال، حتى اكتشفت أن القبح يرتدى قناع الجمال، وعرفت أن الألوان والأصباغ تغطى كل الأشياء القبيحة، وتبهر الساذج وتجعله يعتقد أنه عثر على الجمال، حتى يستيقظ ذات صباح، فيكتشف أن الجميلة الملونة التى فى حضنه ليست سوى وحش دميم قبيح!
مشيت فى أغلب شوارعكم.
عرفتها.. وكرهتها.
وأنا الآن.. أبحث عن شارع واحد فى طوق نجاتى.
شارع الله!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة