محمد الدسوقى رشدى

«ماهينور».. الحمامة قبل الأخيرة فى السرب

الخميس، 22 مايو 2014 06:26 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
(1)
أينما تولى وجهك ستجد علامة ما تشير إلى فعل من أفعال ماهينور المصرى، قصة كتبها أحدهم على الفيس بوك حول نضال المحامية الإسكندرانية فى الدفاع عن المعتقلين الذين لا يتذكرهم أحد، أو خبر منشور على استحياء يشرح جهود ناشطة حقوقية سكندرية فى دفع كفالات خروج بعض المعتقلين، أو صورة تلمح بين وجوه المتظاهرين بها وجها يحمل من الإصرار والأمل ما يجعلك قادرا على تمييزه.

لا أعرف ماهينور المصرى، ولم نلتقِ مسبقا، فقط تطاردنى أخبارها وقصصها فى المواقع والصحف وعالم الإنترنت، ومن خلف كل قصة مجموعة من التفاصيل تجبرك على إعادة التفكير فى أن «يوتوبيا» وأهلها ليسوا مجرد ملامح خيالية بين ضفتى كتاب أو حلم فيلسوف.
قدرة ماهينور على ضبط بصلة عملها الحقوقى والسياسى، بعيدا عن بحيرة «الجعجعة» التى غرق بها بعض النشطاء أو شواطئ «المنظرة» التى استقر عليها بعض آخر يوجه وينتقد ويستعلى دون أن يغوص بقدميه فى وحل الواقع، هى روح الثورة التى تخشاها السلطة، وهى التفسير الحقيقى لتلك الملاحقات التى لا تطول سوى ماهينور وأمثالها.

هم يخافون من 25 يناير المتجسدة فى روح هؤلاء القادرون على العمل وإبهار الناس فى الشوارع بقدرتهم على الإنجاز والمساعدة وتفهم احتياجات البسطاء، هم ينزعجون من هؤلاء الذين يستبدلون الكلام بالعمل فى الشارع، قلة الكلام أصلا تنجيك من السقوط فى فخ العثرات التى تتغذى عليها برامج «التوك شو، بفطرتها أو ربما لزهدها أدركت ماهينور ومن معها فى القائمة ذلك، ففشلت ألسنة المشتاقين من كتاب ومذيعين ومنافقين فى اصطياد هذا النوع من الشباب ووصمه باتهامات من نوعية التمويل أو الخيانة على طريقة «دول بياكلوا كنتاكى فى ميدان التحرير»، ولذلك كان البديل قانونيا أو هكذا صاغوها تحت شعار مخالفة قانون التظاهر بتغريمها 50 ألف جنيه والحكم عليها بالسجن عامين، فى لحظة جلبها القدر متزامنة مع صدور حكم على مبارك بالسجن 3 سنوات فقط، فى قضية فساد القصور الرئاسية التى أهدرت على الدولة مئات الملايين من الجنيهات، وكأنه يخبرنا جميعا أن للعدالة ألف وجه، كل منها يبدو أكثر قبحا من الآخر.

هنا تكمن قوة «ماهينور» ومن فى قائمتها، نقاوة ثورية لا تفلح معها اتهامات التخوين والعمالة وترديد الشعارات التى اخترعها الإعلام، تدليلا على فشل الشباب من نوعية «هم يعرفوا إيه عن الواقع، هم فين من الشارع وهموم الناس»، هنا تظهر قوة «ماهينور» وتحركاتها وفى جوهرها يظهر للناس حقيقة 25 يناير الذين يفترسون شبابها الآن بحجة أنه كان مضحوكا عليه ولا يملك القدرة على العمل العام.

الضرب فى «ماهينور» بقانون التظاهر، تشبه ضربة العاجز، الذى أدرك فجأة أن أفخاخ الإغواء الإعلامى، وإغراءات العمل تحت جناح السلطة، وخطة التشويه الممنهجة التى طالت الثورة وأهلها خلال الفترة الماضية، لم تنجح فى القضاء على السرب بأكمله، بعض من الحمامات تسربت وما زالت تحمل روح الثورة الحقيقية «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، لم تسقط فى شباك «الرطرطة» الإعلامية لكى يكتشف الناس خواءها، ولم تسقط فى حبال الإحباط لكى يرى الناس ضعف عزيمتها، ولم يتكمن منها خطاب الاستعلاء على البسطاء، فيكرهون طلتها وما وراء خطابها مثلما حدث مع عدد كبير من الشباب والنشطاء الذين أخطأوا عمدا أو طمعا أو سهوا دون أن تصل لعلمهم جهود السلطة فى تجميع كل خطأ مهما بلغ مدى صغره، ليصنعوا منها لوحة مشوهة وغير أمينة لثورة لم تكن تهدف سوى تحقيق ديمقراطية حقيقية تؤسس لوطن كبير وكريم.

(2)
هم يخشون أمثال «ماهينور» رغم تحركاتها فى محيط ضيق، وبخطاب أهدى لأنها تجسد المعنى القائل إن الثورات ليست مجبرة على التوقيع فى دفاتر حضور وانصراف، هى تشتعل حينما يصل الغضب فى نفوس الناس إلى الحد الذى يصبح احتواؤه صعبا، ولا تنطفئ إلا بعد أن تقوم على أنقاض ما هدمته من فساد دولة جديدة، فى منتصف طريقها، ربما تهدأ ربما تختفى نارها أسفل الكثير من رماد الأخطاء والعثرات، ولكنها مستمرة حتى تحقق ما اشتعلت من أجله.

هكذا حال ثورة 25 يناير تتعثر، يسقط فريسة فى يد اللصوص، تنحرف عن مسارها بسبب أطماع بعض التيارات، ولكنها ثابتة على حالها فى نفوس الشعب المصرى كسلاح لتحقيق أهداف واضحة على رأسها توفير الحياة الكريمة للمصريين أو طبقا لشعار الثورة الشهيرة «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».

25 يناير سقطت فى فخ حسن نوايا شبابها وقلة خبرتهم، وهوت فى بئر أطماع القوى السياسية وجماعة الإخوان، وتأخر تحقيق مطالبها وظهور ثمارها جعلها هدفا سهل المنال لكل منتقم وعائد من غياهب نظام مبارك القديم يصفها مرة بالنكسة ويصفه فى موضع آخر بالهوجة، ولكن الثورة دائما ما تمنح الجميع دروسا مجانية ملخصها أنه لا أحد قادر على إخماد نار أحلامها فى وطن أفضل يمنح العدالة للجميع.

(3)
لا تنزعج مما يحدث فى مصر الآن، ولا تمنح تلك الفوضى السائدة فرصة أن تصيبك بـ«الخضة» أو الفزع، ولا تدع هذه البلطجة المنتشرة تخلق فى عقلك الباطن بعض الحنين فى ثوب جديد للنظام السابق وأمنه وأمانه واستقراره وباقى القصيدة الكافرة الكاذبة التى لم نر منها مكسبا على أرض الواقع طوال سنوات مبارك الثلاثين.

باختصار، لا تقل أبدا «ولا يوم من أيامك يا مبارك»، لأن الفوضى التى نعيشها الآن تم تغذيتها وتسمينها طوال سنوات حكم مبارك، أيام مبارك كانت رتيبة بلا أمل، وأيامنا الآن كلها أمل، أيام مبارك كانت فيها الكوابيس من نصيب الغلابة والأحلام تم تخصيصها للأثرياء وأهل السلطة، والأيام الخالية من مبارك الآن شبابيك أحلامها مفتوحة للجميع، حتى ولو كان الأمر على أرض الواقع فى لحظتنا هذه تحت سيطرة الكوابيس.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة