على الرغم من أن الحوار الذى أجراه الإعلاميون خالد صلاح، ووائل الإبراشى، ولبنى عسل مع المرشح الرئاسى المشير عبدالفتاح السيسى ليس الأول فى سلسلة لقاءاته وحواراته مع وسائل الإعلام، فإن هذا الحوار قد حمل فى طياته الكثير والكثير، وكشف عن العديد من الجوانب المضيئة فى شخصية المشير السيسى، فبعيدًا عن التصريحات السياسية التى قالها المشير باستفاضة وبوضوح لا تشوبه شائبة، وحديثه المتزن والعاقل عن تفاصيل البرنامج الانتخابى، ورؤيته المستقبلية لإصلاح مصر، فإن الحوار كان نابعًا من القلب، فجاء بمثابة نقلة نوعية فى التعرف على شخصية المشير الذى يتمتع بـ«كاريزما» الزعامة الحقيقية، تلك الزعامة التى نحن فى أشد الحاجة إليها الآن، وسط هذا الكم الهائل من الأحداث المحبطة، فالشعب الذى خرج بالملايين فى 30 يونيو ضد الظلم والقهر والاستبداد، يعيش الآن فى حالة انتظار لزعيم بمعنى الكلمة، وجدوه فى شخص المشير السيسى، باعتباره الشخص الوحيد الذى يمتلك من القدرات والمهارات الفائقة التى تؤهله لأن يصل بمصر إلى بر الأمان.
لقد استوقفنى كلام المشير عن أمانة الكلمة، وحرصه على ضرورة توعية المواطنين، فقد أكد ذلك مرارًا وتكرارًا فى إشارة منه إلى أن «الإعلام» فى المرحلة المقبلة عليه دور كبير فى توعية الناس توعية حقيقية، وعليه دور كبير أيضًا فى نقل الصورة كما هى دون تزييف للواقع، أو إحاطته بهالة من الغموض، فقد انتهى- وبلا رجعة- عهد تزييف الحقائق، ورسم صورة بعيدة كل البعد عن الواقع الذى يعيشه المواطن، تلك الصورة التى كنا لا نراها إلا عبر بعض وسائل الإعلام فى حين أن الواقع كان يقول غير ذلك.
فكان المشير محقًا فى حديثه النابع من القلب عن ضرورة أمانة الكلمة، فالكلمة حينما تكون صادقة فإنها تصنع المعجزات، ويكون تأثيرها قويًا، ويفوق تأثير أعتى الأسلحة الفتاكة.. فالكلمة النابعة من القلب تدخل إلى القلوب، وتشق الأفئدة، وتسكن الجوارح، وتقلب الموازين رأسًا على عقب فى غمضة عين، وهو فى رأيى ما يؤكد عمق رؤية المشير السيسى عن أمانة الكلمة، وضرورة أن تكون وسائل الإعلام على وعى كامل بخطورة ما يتم تقديمه من محتوى إعلامى للبسطاء من أبناء الشعب، فهؤلاء البسطاء يحبهم المشير بصدق، ويضعهم دائمًا فى صدارة اهتماماته، وفى مقدمة تحركاته، بل هم حجر الأساس فى خططه المستقبلية التى يضعها من أجل مصر، لأنهم فى نظره يمثلون مصر الحقيقية، مصر الماضى والحاضر والمستقبل، مصر التى فى خاطره وفى وجدانه، وهو ما لاحظته فى الحوار حينما سمع تعبير «مصر تتسول» فى أحد الأسئلة الموجهة إليه، فقد هب «السيسى» مقاطعًا، وقد تغيرت ملامح وجهه دون أن ينتظر سماع بقية السؤال، قائلًا فى لهجة حازمة تنم عن شخصية عسكرية تربت على الصرامة والانضباط وسرعة الرد واتخاذ القرار فى الوقت المناسب: «من فضلك لا تقل هذا ثانيًا»، مما يستدعى فى ذاكرتنا رده الحاسم فى حوار سابق له عندما تضمن الحديث كلمة «عسكر»، وهذا فى رأيى يدل على أن كرامة مصر، وشعبها الطيب البسيط، وجيشها الباسل هى النقطة الوحيدة التى بإمكانها أن تستفز، أو تثير غضب الرجل العسكرى الذى يعيش بداخل المشير السيسى.
كما رسم المشير فى هذا الحوار صورة واقعية للحالة التى تمر بها مصر الآن بقوله إن الإشكالية التى تعانى منها البلاد الآن أشبه بشركة متعثرة جدًا وعليها ديون كبيرة، والعمال لا يأخذون حقهم، ولابد من وضع سياسات جديدة ترتقى بالبلاد للخروج من دائرة الفقر حتى لا يتم توريث ذلك للأجيال القادمة، وهو ما يفسر حرص المشير على ضرورة العمل على زيادة معدل الناتج القومى من أجل القضاء على الفقر، وإعادة ترتيب المحافظات، موضحًا أن برنامجه يحتوى على ترتيب جديد للمحافظات لإعطائها عناصر الازدهار وتنوع الاستثمار فيها، ففكرة التنمية الجديدة- كما يراها- تعتمد فى المقام الأول على إعادة رسم خريطة المحافظات، وتوسيع مساحتها، بالإضافة إلى تنفيذ خطط واقعية تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، فقد أشار إلى أنه بالفعل لديه خطط وبرامج «واقعية» لحل أزمة الدعم، ولكن ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية للتنفيذ، ووعى لأهمية أن نفعل ذلك، فهو مؤمن تمامًا بأنه يجب ألا يكون هناك ظلم للفقراء والغلابة. ولفت المشير فى هذا الصدد إلى مسألة غاية فى الأهمية، بقوله إن مشروع توسيع المحافظات يهدف لمصلحة كبيرة لمصر، فإننا نعيش فى %7 من مصر.
الأمر الذى يدفعنى إلى القول بأن تلك الرؤى والأفكار المستقبلية التى يؤمن بها المشير السيسى لا يمكن لها أن تتحقق إلا من خلال عملية توعية وتثقيف منظمة، تتم وفق برامج واضحة، وهو ما يؤكد دور وسائل الإعلام فى المرحلة المقبلة، فقد قال المشير فى هذا الصدد إن وسائل الإعلام لها دور ومسؤولية فى منتهى الخطورة فى توعية الشعب المصرى، لافتًا إلى أن الدولة تحتاج إلى اصطفاف شعبى لتحقيق المصلحة الوطنية، وأن الضمير وحده هو الضمانة الحقيقية لهذه المصلحة الوطنية.
لذا فإنه لم يكن مستغربًا عليه أن يؤكد فى هذا الحوار المهم ضرورة أمانة الكلمة التى يتم توجيهها إلى المواطنين، وأهمية أن تكون هذه الكلمة تتسق مع الواقع.. وهنا أرى أن «الضمير» وحده هو الذى يمكن أن يتحكم فى نوعية ما يتم تقديمه من كلمة أمينة وصادقة، فالضمير هو الضمانة الوحيدة لتحقيق ما نصبو إليه، خصوصًا حينما يتعلق الأمر بمثل هذه الأمور الحساسة المرتبطة بتحقيق نهضة شاملة لمجتمع يعانى الكثير من الأزمات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة