لا يعرف مشاعر الإنسان المصرى خارج بلده إلا من عاش وشاهد ورأى، وقد كنت من المحظوظين لأننى لمست هذه المشاعر وعشتها سنوات طويلة، وأستطيع أن أجزم أن المصرى عندما يترك بلده لسبب أو لآخر يحمل أم الدنيا فى أوردته وشرايينه دون أن يدرى، وتصبح مصر نجمة فى الفضاء يحلم بملامستها كل لحظة، بالرغم من أنه قد يكون غادرها لاعنا أو كارهاً أو يائساً!
لذا لا عجب أن نرى الإقبال المدهش من قبل المصريين فى الخارج على الإدلاء بأصواتهم فى انتخابات الرئاسة قبل يومين.. إنها الرغبة فى المشاركة فى تحديد مستقبل وطن.. إنه الحلم بأن تصير مصر دولة عصرية حديثة كتلك التى يعيشون فيها.. إنه الإصرار على تجاوز أخطاء ثلاث سنوات مرت منذ أن سرق الإخوان وأنصارهم ثورة الشعب فى يناير 2011.
124 دولة عربية وأجنبية يحيا بأرضها المصريون فى الخارج قد أنشئت فيها لجان انتخابات، أى أن أهل بلدى منتشرون فى أكثر من نصف دول الكوكب وهى ملاحظة تشير إلى أمرين.. الأول.. قدرة الإنسان المصرى على التكيف مع مناخات جديدة والتعامل مع ثقافات وعادات مغايرة، وهو الذى لم يترك بلده أبدًا طوال آلاف السنين إلا فى العقود الأربعة الأخيرة، أما الأمر الثانى فيفضح البؤس الذى أمسك بخناق الشعب طوال أربعين سنة بسبب أنظمة حكم جاهلة وفاشلة وطماعة، ما أدى إلى أن يبحث ملايين المصريين عن مصدر رزق وحياة لائقة فى بلدان أخرى!
لا يهم من سيحقق الفوز فى انتخابات الخارج.. المشير السيسى أم السيد حمدين صباحى؟ لكن الأهم أن يستعيد المصرى إيمانه بأنه صانع مستقبله، وأنه قادر على رسم الأيام المقبلة، بعد أن دبّ اليأس فى نفوس الكثير خاصة الشباب، وانتشر الرأى القائل أن الأمر محسوم لمرشح معين، فأطفأ نور الحماسة فى قلوب الملايين من الذين شاركوا فى الثورتين ضد مبارك ومرسى.
أجل.. لقد كان مشهد الازدحام أمام لجان الانتخابات فى الخارج مبهجًا، وأظن أنه سيؤثر بالإيجاب على المشهد المقبل فى الداخل، فمبروك عودة الحماسة إلى المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة