أما الكارثة، فهى اجتراء طلاب مدرسة إعدادية بالشرقية، واقتحامهم غرفة الكونترول بعد امتحان اللغة العربية، وتمزيق أوراق الإجابة، وإلقائها فى حوش المدرسة، وتبريرهم فى ذلك أن الامتحان كان صعبًا !
أعلم أنكم مذهولون مثلى من وقع الصدمة، تختلط بداخلكم علامات الحزن والأسى بالغضب والقلق من المستقبل، والتشاؤم مما يمكن أن يحمله مستقبل الأجيال المقبلة إذا كان هذا هو حاضرها، إلا أننا لابد أن نفكر فى تشخيص لهذه الكارثة، حتى نفهمها أولاً، ثم نبحث عن حل لها، ومن وجهة نظرى فإن لهذه الكارثة خمسة تفسيرات على النحو التالى:
أولا: أن المدرسة التى شهدت الكارثة تعانى من التسيب، وغياب الإدارة الحازمة على مدى العام الدراسى، الأمر الذى انعكس على سلوك طلابها.
ثانيا: أن ما حدث من طلاب المدرسة تجاه ثوابت العملية التعليمية مؤشر فى ذاته على ما وصل إليه حال التعليم قبل الجامعى لدينا من تراجع كبير على مستوى المحتوى التعليمى، ودور المعلم تربويًا وعلميًا، والعلاقة المثلى المتكاملة بين الأسرة والمدرسة فى تربية وتعليم النشء.
ثالثا: أن عدوى البلطجة التى تشهدها جامعاتنا لأسباب سياسية موجهة ومغرضة، أو لضعف النظام العام، قد انتقلت إلى المدارس، وأن ما حدث بمدرسة الشرقية هو جرس إنذار شديد بانفلات واسع على مستوى التعليم قبل الجامعى.
رابعا: أن ما حدث على المستوى العام من تدليس وكذب فيما يتعلق بحماية المتظاهرين والبلطجية وتصويرهم على أنهم أصحاب حق - الجدل حول قانون التظاهر ومن يكسرونه متعمدين مثالًا - يحدث تأثيرًا مدمرًا داخل فئات عديدة بالمجتمع، أخطرها الفئات العمرية من 15 إلى 18 عامًا فى القطاعات التى تمثلها، وقد يكون هذا التأثير غير مدرك بشكل كامل الآن، إلا أن نتائجه تظهر سريعا فى حادثة مثل اقتحام الطلاب الصغار غرفة الكونترول، وهم يظنون أنهم آمنون من العقاب، أو أن هناك من سيلتمس لهم الأعذار.
خامسا: أننا وبصراحة تحولنا إلى مجتمع بلطجى، تسود فيه روح القوة الفردية، والرغبة فى فرض السيطرة على الآخرين، يتساوى فى ذلك اقتحام طلاب غرفة الكونترول فى مدرستهم مع اقتحام لصوص لمكتب بريد بالأسلحة فى «عز الضُهر» للمرة العاشرة دون رادع، أو السير عكس الاتجاه على الدائرى، أو اعتداء طلاب الجامعة على الأمن الإدارى وسحلهم فى الشوارع، إلخ
والحل؟
الحل واحد هو التطبيق الحاسم للقانون، وسحق التبريرات والمزايدات الرخيصة التى تبرر أشكال العنف والبلطجة، فطلاب المدرسة الإعدادية المشار إليها يستحقون الرسوب قولًا واحدًا، وكل أشكال البلطجة تستحق أيضًا أن تواجه بالقانون الرادع، حتى وإن زايد البعض مثلما يحدث فى حالة قانون التظاهر الآن، لأننا بين اختيارين: الدولة أو الفوضى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عابر سبيل
الغش اصبح عقيدة عند الطالب