نعم هو هذا القطب اليسارى الأشهر والمفكر الشيوعى الأقدر، قائد الثورة البلشفية الفعلى ومحركها الرئيس، والذى لولا أنه وافته المنية لكان منقذا حقيقيا للبشرية من توغل الرأسمالية المتوحشة، وبانياً حقيقياً للبنات مجتمعات شيوعية فاضلة لا يصنف الناس فيها لا بمهنتهم ولا بمقدار ما يملكون، وإنما بمقدار إخلاصهم وإعطاء كل طاقاتهم لبناء الدولة، ومن ثم يحصلون على كل ما يحتاجون إلى أن تصير ما تعتبره المجتمعات الرأسمالية محض رفاهية وترف؛ مجرد أساسيات بديهية فى الحياة العادية للمجتمع الشيوعى، وما يسرد فى مقدمة هذا المقال ليس إلا إيجازا للتذكرة لكل الرفاق الذين يعرفون ماذا قدم لينين لأجل أن تبنى الدولة، وما هو آت إنما هو انعكاس لما يجول بذهن السواد الأعظم من شعب هذا الوطن الذى فاض كيله من إرهاب متواصل وذُعرٍ متصل يكاد يعشش فى نفوسه.
وبداية يوجه الكاتب عناية قارئات سطوره وقارئيها إلى أن الحديث موجه لكل منهم بشكل خاص، ويرى أن على كل من يقرأ هذى الكلمات أن يسمعها لمن حوله، فهو بها ينصح نفسه، ومن هم على مهنته ممن يشاركون فى صناعة الرأى وتشكيل ولو قدر يسير من العقول؛ عليك أن تختار بين قول الحقيقة وبين أن تحتفظ بأصدقاء ورفاق المشوار؟! اختار الكاتب الحقيقة حتى وإن بدت قاسية، ولا يجد بديلاً أمام العنف سوى استخدام عنف أشد، وقد يكون العنف أمر مزعجاً أو مرفوضاً من البعض وقد يُتفق على أنه مجرد علاج للعرض، وليس دواء شافيا للمرض، ولكن وبشىء من التدقيق البسيط سيُلاحظ أنه ليس للدول قيام إلا بدماء غالية حتى وإن كانت للطرف الآخر المناوئ لقيامها، خاصة أن الجهد المبذول ولمدة زادت على العام لإرجاع التنظيم عن غيه باء بفشل متعمد من التنظيم، وهنا ينبه الكاتب كل طرف سياسى أو مهتم بهذا الشأن، المصالحات وشعارات السلم أقامت دولا على مر التاريخ الإنسانى المعلوم، فلم تبن الدولة فى روسيا (الاتحاد السوفيتى) بعد الثورة، ولم توحد الولايات فى أمريكا إبان الحرب الأهلية وإنما جاءت بعد انتصار وضحايا، فهكذا هو القدر يرسم المستقبل مملوكا للأقوياء المنتصرين لقضيتهم بصرف النظر عن اتفاقك أو اختلافك معها، وكل ما سبق لا يعنى أن العنف هو السبيل الأوحد والطريق الأرشد، وإنما يؤكد الكاتب أنه بالقطع يجب صياغة التركيبة اللازمة لعلاج المرض (الأفكار الشائهة) وبحث كيفية تصحيحها، ولكنه يرى أن وقف نزيف الأرواح يأتى أولا، وبعده تطهير جرح الوطن وتقطيبه لضمان التئامه ثم علاج هذه الحمى التى تعصف بجسد هذا الشعب، كيف تعلو أصوات بعض الرفاق وبعض ممن يملكون العقل بكلمات تحوم حول عدم استخدام العنف والرفق بتنظيم ثَبُت إرهابه وخيانته للثابت الوطنى فى حين لم يُسمع عن دولة واحدة واجهت من يحملون السلاح والمتفجرات إلا بالتحذيرات الشفهية الثلاث ثم إطلاق الرصاص الحى فى مقتل ولا توجد سابقة واحدة عكس ذلك تذكر شفهيا أو مدونة بين ضفتين! فإما هذا وإما السقوط.. إلا أن الجدير بالملاحظة هو أداء القائمين على البلاد، فتغيب عنهم حقيقة أنه مهما بلغت القناعة بسمو الهدف فلا نجاح لحكم يستسلم لابتزاز سياسى سواء من الداخل أو الخارج، وعلى رفاق اليسار قبل أن تذهب ببعضهم سكرات المزايدة أن يتذكروا ما فعل الرفيق لينين بيض الله وجهه وأسكنه فسيح جناته وما قام به ماو تسى تونج لتقوم الدولة دونما التفات إلى مزايدات تروتسكى الصبيانية.
يقف الجميع أمام واقع تتفوق مرارته على حلاوة أحلام الثائرين.. الفقر والجهل والمرض التى تشكل التربة الحاضنة للجريمة والإرهاب وهشاشة الدولة وميوعتها مما يعطى هذه التربة الخصوبة اللازمة لنموها المؤثر ومن ثم يأتى منع عوامل الخصوبة سابقاً على تقليب التربة وتخليصها من آفاتها، فالقضاء بمعناه الحرفى على التنظيم لم يعد ترفا والرفق به خيانة غير مغفورة مهما تليت صلوات الاعتذار ورفعت أدعية المراجعات وقدمت قرابين التوبة، قد يجر هذا الرأى على الكاتب سيلا من النقد والاتهام الذى يراه باطلاً ولا يكترث له، فكل الرفاق يعلمون أن هذا موقفه من التنظيم منذ أمد بعيد دونما خلط بينه وبين تنظيمات ترى فى نفسها الكفاءة السياسية لخوض المعترك بعيداً عن الدم الذى صار وللأسف مباحا، فبقدر ما نعيه جميعاً من بشاعة العنف إلا أنه بات ضرورة لا مهرب منها، ومن ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى أن رد الدولة بالعنف على عنف الإرهاب وبشاعاته لا يعنى الدعوة لخلق دولة أمنية يرفضها الكاتب وإنما دعوة للثبات والتخشن للدفاع عن شعب يؤكل، ولعل الكاتب بتجربة سابقة يعد واحداً من القليلين الذين يكرهون إراقة الدم عن وعى كامل، لا مجرد ملصقات توضع على الصدور، لكن لا مهرب منه حالياً هذا ما يمتلئ به الضمير تجاه وطن هو كيان وجوده فلم يعطل عقله أو يضلل قلبه، فإما أن يرضى عنك البعض وفى المقابل تحيا الجماعة وأما أن يتهمك البعض وتحيا مصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة