السياسة التى نعرفها والتى تعلمناها هى حب هذا الوطن وشرف الانتماء إلى أرضه الطاهرة، والإيمان بشعبه العظيم والسعى والنضال من أجل خدمة هذا الشعب عن طريق رؤية سياسية متكاملة تحقق هذه الخدمة لهذا الوطن ولشعبه الرائع، وهذا فى ذات الوقت هو ترجمة للمقاصد الدينية وتطبيق للقيم الإخلاقية والإنسانية، ولذا فمن يعتبرون أن السياسة هى لعبة قذرة ويؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة وأن الضرورات تبيح المحظورات إعمالا لمبدأ التقية الشيعى.. فهؤلاء لا علاقة لهم لا بوطن ولا صلة لهم بجماهير ولا ينظرون للدين إلا من خلال استغلال الدين لأهدافهم الحزبية ولتحقيق مصالحهم الذاتية، ذلك لأن الله سبحانه هو الذى أحب الإنسان وخلقه معجزة لهذا الكون وأعطاه العقل وسخر له الأشياء، ولذلك كانت الأديان فى أهدافها السامية هى لسعادة هذا الإنسان. وسعادة الإنسان تكمن فى حبه للناس وللوطن وللخير. ولذا يصبح حب الأوطان والدفاع عنها والتشاركية والعيش المشترك على أرضه والحفاظ على وحدته فى مواجهة مخططات التقسيم والتفتيت هو المدخل الرئيسى لحب الإنسان والشعب والجماهير، حيث إن الوطن بشر لا حجر، وعلى ذلك كانت هناك لمسة مقدرة من د. مخيون رئيس حزب النور حين قال: «هناك مخططات تهدف إلى خلق الفوضى وتقسيم مصر مثل السودان والعراق. فانهيار مصر يعد سقوطا للعالم الإسلامى كله»، وأضاف: على الجميع التكاتف للعبور بمصر إلى برم الأمان وتفويت الفرصة على المتربصين بها، وبالطبع فالتكاتف للعبور بمصر إلى بر الأمان يعنى التوافق والتعايش والتوحد بين أبناء الوطن، مسلمين ومسيحيين أغنياء وفقراء رجالا ونساء، وذلك حتى لا نعطى فرصة لاختلاق أى مشاكل سعيا وراء التدخل فى شؤوننا، خاصة أن الورقة القبطية هى دائما ما تكون جواز المرور منذ قرون لهذا التدخل، ولكن وللأسف الشديد نرى على الجانب الآخر من حزب النور ما يناقض ذلك ويدحضه ويسقطه، بل وجدنا ما يثير الفتنة ويكرس التفوق ويبعث التشتت ويعطى الفرصة الذهبية للتدخل كل من هب ودب فى شؤوننا بحجة حماية الأقلية الدينية، تلك الحجة القديمة الحديثة التى دائما ما يلعب بها الاستعمار بكل أشكاله، وما حدث فى السودان والعراق خير دليل إذا كان يعى هذا الدكتور مخيون.
ونقيض كلام د. مخيون هو فتاوى د. برهامى، وهو على ما أعتقد المرشد الروحى للنور ولمخيون ولجماعته، يقول د. برهامى: «عيد القيامة أكفر الأعياد ومن يؤمن به ضال وفاسق وكافر»، وليس من حق المسيحى أن يصل إلى أى موقع قيادى بالدولة، «السائق المسلم يوصل سكيرا إلى الخمارة ولا يوصل قسيسا إلى الكنيسة»، فما هذا الذى يحدث؟ وأين الصدق والمصداقية؟ وأين حب الوطن والخوف عليه من التقسيم؟ هل يوجد مبررات التقسيم أخطر من هذا الكلام؟ وهل هذا توزيع أدوار اللعب على كل الأوتار لسد فراغ الإخوان؟ وأين الدستور والقانون وحق المواطنة والمساواة بين المصريين؟ هذا يا سادة إساءة للمواطن وازدراء للأديان وتفتيت للوطن، وفتح ثغرات للتدخل وإسقاط للدستور الذى يعلن السيد برهامى أنه من فرض رؤيته الخاصة فيه، وعليه الوطن فى ظروف لا تحتمل المغامرة، والشعارات الفارغة لا تنطلى الآن على أحد والصمت فى مواجهة هذا ليس من ذهب، حمى الله مصر وشعبها حتى تظل أبدا ودائما لكل لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة