نجنى اليوم ثمار إهمال الدولة على مدى 32 سنة، إهمال تعمير سيناء منذ أن تسلمتها مصر بعد تحريرها.. وهى ثمار مرة وكئيبة، تلك الثمار التى نجنيها اليوم نتيجة حرب شرسة ضد الإرهاب القذر الذى ارتضى أن يحتل سيناء ويجعل منها إمارة إسلامية كما يزعم - وهى فى الحقيقة ليست سوى إمارة للإجرام لا علاقة لها بالإسلام السمح، رسالة السلام والمحبة والود المتصل.. ارتضى هؤلاء المجرمين أن ينقذوا المخطط الصهيونى بأن تكون منطقة سيناء هى مركزهم الرئيسى، ومن خلالها يصولون ويجولون بحريتهم، خاصة بعد أن قبل ذلك ورسم لهم الملامح الأساسية رئيس مصر المعزول محمد مرسى.. وقد أكمل المخطط المتدنى بأن منح مئات الآلاف من الفلسطينيين حمساويين الجنسية المصرية، وقد ظهر هذا واضحاً فى احتفالية بذكرى عيد السادس من أكتوبر فى عهده.. وكأنه كان يستفز المصريين والقوات المسلحة.. ومن قبل محمد مرسى.. لم يلتفت النظام وقتها لتعمير سيناء، واستمرت عشرات السنوات، وكأن سيناء لم تتحرر، ولم يفكر أبداً فى إحيائها.. كل المشاريع التى كانت تقدم كانت لخدمة رجال أعمال فرادى، ومهما تعاظمت أعمالهم فهى فى النهاية مشاريع قليلة لا تكون فى مجملها مشروعا قوميا لتعمير واحدة من أهم أراضى مصر وأهم بقعة أثرية مميزة على مستوى العالم.. كانت القضية تحتاج إلى تكاتف كل قوى الشعب والأحزاب التى لم يكن لها دور على الإطلاق.. فى هذه السنوات وكان الكثير من هذه الأحزاب تعانى تهميش الدولة وتغييبها عن الدور الأساسى للنهضة الحقيقية.. غاب عن الدولة تعمير سيناء من خلال مشروع وطنى تلتف حوله كل القوى الوطنية ويكفى لأن يعمل من خلاله شباب مصر، ويكفى أيضاً للقضاء على البطالة سواء فى مجالات الصناعة والزراعة أو التجارة.. ولكن لم يحدث أن اكتملت خريطة التعمير. لسبب بسيط هو أن الدولة لم تركز اهتمامها فى هذا المجال.. بل يمكن أن نقول إن الدولة شتت جهودها فى كثير من الاتجاهات وكثير منها وصل إلى حائط سد.. مثل مشروع توشكا.. الذى استنفد المليارات من الدولارات.. والعائد بطىء.
ولو كانت هذه الجهود قد وجهت أولاً فى سيناء لكان العائد سريعا والمكاسب واضحة.. بل قد تكون هذه المكاسب مشجعة فى تسيير مشروع توشكى أكثر.. تعمير سيناء كان هو الحل الحقيقى لأغلب مشاكلنا، ولا أبالغ إذا قلت هذا الكلام.. لأن تعمير سيناء وهى المساحة التى تشكل ثلث مساحة جمهورية مصر تقريباً.. كانت تكفى لحل مشاكل السكان وتكدس الشوارع بالقاهرة والمحافظات لدرجة الاختناق.. كان الأمل فى إعادة توزيع السكان بمصر جميعها لحل أزمة تعيشها مصر منذ الفراعنة وهى أزمة معيشة السكان حول نهر النيل.. ونهر النيل وحده.. حتى الحلول التى اقترحتها المدن الجديدة سواء فى مدن العاشر من رمضان أو القاهرة الجديدة أو أكتوبر وغيرها، كل هذه كانت مجرد توسيع للعاصمة.. ولكن الحل الأمثل فى تخيلى كان هو نقل سكان بالكامل للسكنى المثالية فى محافظتى سيناء الشمالية والجنوبية وتعميرها بالزراعة المميزة جداً وبالصناعات الحرفية التى تشكل نوعاً من المنتجات اليدوية المدهشة على مستوى العالم. على أية حال نحن أهملنا سيناء لمدة 32 عاماً، ونحن اليوم فى أيدينا هذه الحلول. لابد من تعمير سيناء بعد تحريرها من الإرهاب.. لتكون واحدة من أرقى بقاع الأرض.. فنحن فى مرحلة لا يستقيم معها المستحيل ولا نعترف فيها باليأس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة