كم هو أمر مؤسف أن ترى الخيوط تتجمع مع بعضها البعض لتحيك رداء نخشى أن نلبسه، بدأت الأمور بالتلميحات المريبة عن نية المشير عبد الفتاح السيسى عدم حضور مؤتمرات جماهيرية فى إطار جولة الدعاية لانتخابات الرئاسة، تلاها منع حملته لصحفى من تغطية مؤتمرها الصحفى الأول، ثم هذا التدقيق الأمنى الغريب لمن يتم اختباره من الصحفيين لتغطية أخبار الحملة، وأخيرا الحملة المليئة بالتبجح التى يقودها ساسة وإعلاميون ضد السيد حمدين صباحى المنافس الأقرب للمشير السيسى.
ما نخشاه أن نصنع فرعونا جديدا بأنفسنا، ليس تشكيكا فى نوايا المشير عبد الفتاح السيسى، فأنا بشكل شخصى أقدر الرجل ومجهوداته، لكن العقلانية تستدعى أن نتعامل معه الآن كمرشح رئاسى له منافسون -قد تعتبرهم ضعفاء لكن من يدرى ما الذى تنجبه صناديق الانتخاب الحبلى بالمفاجآت- أنا أحترم الرجل بقاعدة تلخصها عبارة فى إحدى الروايات تقول: «أحبك أكثر من البارحة وأقل من الغد»، أثق فيه؟.. نعم، أقبل به رئيسا إذا أتى؟، بالطبع، رغم كل هذا لن يظل هذا الرصيد من الحب والثقة فى مستواه ما لم يبرهن هذا الرئيس أنه كان أفضل من سابقيه.
يستدعى البعض صورة الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة «77 عاما» وهو يدلى بصوته على كرسى متحرك ويفوز بولاية رابعة، وكأن الجزائريين يتمسكون بآخر عربة فى قطار الاستقرار، مع كل الاحترام لاختيار الأشقاء فى الجزائر، لكن أى مستقبل ينتظر هذا البلد من رئيس معتل صحيا؟ هذا الاستقرار مزعوم يقترب من الموت أكثر مما يبعث على الحياة، أنا لا أريد أن نكرر هذه التجربة فى مصر، لا أدرى هل سأعيش لأرى رئيسا آخر بعد السيسى أم لا، لكننى آبى على نفسى وعلى من يعتبرون أنفسهم قادة رأى فى مصر أن يشاركوا فى تصلب شرايين هذا الوطن مرة أخرى.
المشير السيسى -أدام الله عليه الصحة- ينعم الآن بالحب والثقة والاحترام، نتمنى أن ينجح كمرشح ثم كرئيس، لن يصير إلها يعبد حتى لو علا صوت المنافقين، قد يكون مرشح الضرورة وعنوان الأمل، ولكن يبقى للمستقبل متطلبات أخرى غير المديح وحلو الكلام، يتبقى البناء لمناخ اجتماعى أكثر تسامحا، واقتصاد أكثر فاعلية، وسياسة تخلو من الرياء، لا نريد فرعونا عتيا محمولا فوق الأعناق، أو زعيما يتداعى على كرسى متحرك، نريد فقط رئيسا يصلح ما أفسده الدهر ويصنع المستقبل بقلب حى وعقل ناضج.. نسأل الله السلامة للجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة