قبل سنوات قليلة، وبالمصادفة وبدون إجراء بحوث أو تجارب على استخدام وسائل الإعلام الجديد فى إدارة الأزمات، اكتشف الناس العاديون ثم خبراء الإعلام الإمكانيات الهائلة للجوال والـ«فيس بوك» و«تويتر» و«ماى سبيى»، وغيرها فى إدارة الأزمات والكوارث، حيث استخدمت تلك الأدوات فى طلب الاستغاثة، وتبادل الأخبار والمعلومات والآراء، وتقديم المساعدة ودعم الروح المعنوية.
فى المقابل، أربكت وسائل الإعلام الجديد السلطات المختصة، وخلقت ضغوطًا من نوع جديد بشأن فوضى المعلومات غير الرسمية، ونشر الشائعات، وأحيانًا الفزع والخوف بين المواطنين، وهى إشكاليات تتطلب التوصل إلى حلول وإجراءات كفيلة بتعظيم الإيجابيات، والحد من السلبيات، إضافة إلى إعادة النظر فى استراتيجيات وخطط إدارة الأزمات المتبعة، والتى يتدرب عليها القائمون على إدارة الأزمات وخبراء العلاقات العامة.
وأتمنى من الباحثين فى الإعلام وإدارة الأزمات الاهتمام بهذه الإشكاليات حتى لا نتأخر كعادتنا عن متابعة الجديد، واستخدامه لتحسين حياتنا، وليشاركنى القارئ التفكير فى بعض القضايا لعلها تساعد فى حل إشكاليات الإعلام الجديد وإدارة الأزمات:
أولاً: القاعدة الأساسية فى ظل الإعلام الجديد هى أن مشاركة الجمهور هى المعيار الجديد فى إدارة الأزمات، حيث نضمن التفاعلية وتبادل الأدوار الاتصالية.
ثانيًا: يعتمد كثير من المواطنين على وسائل الإعلام الجديد أثناء الأزمات، لأنهم يشعرون بأن المعلومات المقدمة إليهم من خلال وسائل الإعلام التقليدية متحفظة وبطيئة وغير دقيقة، وفى مصر بعد الثورة استخدم النشطاء السياسيون والجيش والشرطة والمواطنون «تويتر» و«فيس بوك» فى الحشد والتعبئة، ونشر الأخبار والتحذيرات بشأن حوادث قطع الطرق، والمظاهرات، وأحداث العنف التى دارت فى عديد من المظاهرات، وللأسف كان بعض هذه الأخبار والتحذيرات غير دقيقية.
ثالثًا: إن الشفافية أمر مخيف للسلطات، والالتزام بها وقت الأزمات عملية صعبة للغاية، لكنها أصبحت ضرورة، فلم يعد مقبولًا فى ظل الإعلام الجديد استمرار نموذج الاتصال الرأسى من أعلى، حيث قمة المنظمة، أو السلطات الرسمية، لأسفل، حيث الجمهور العادى. ويفرض الواقع الحالى الاستماع، والمشاركة، والإفصاح، وسرعة إعلان الحقائق، فالانطباع الأول هو الذى يدوم، ويؤثر فى استقبالنا للأحداث، وفهمنا لما حدث، وكيف حدث، وما يمكن أن يحدث فى المستقبل، والإشكالية أن وسائل الإعلام الجديد هى الإسرع دائمًا فى أثناء الأزمات والكوارث، لأن الهواتف الذكية حولت كل مواطن إلى صحفى «ظاهرة صحافة المواطن» لذلك لابد للسلطات والهيئات من رد الفعل السريع، والتفاعل مع الجمهور، وإشراكه منذ اللحظة الأولى للأزمة.
رابعًا: امتلاك أدوات الإعلام الاجتماعى، وتدريب العاملين عليها قبل وقوع حالات طارئة أو أزمات، ولابد من تحديد مواقع الإنترنت التى تنطق باسم الهيئة، أو السلطة المختصة، وتحديد الحسابات التى ستستخدم عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
خامسًا: إشراك الجمهور فى مراحل الأزمة المختلفة ومعرفة اهتماماته والاستجابة له، وطلب المساعدة منه، وذلك من خلال عقد شراكات وتفاهمات مع نشطاء الإنترنت والمدونين، والإبقاء على علاقات طيبة وإيجابية معهم قبل وبعد وفى أثناء الأزمة.
سادسًا: الدخول فى حوارات سريعة ومتواصلة مع المواطن، ويتوقع المواطن أن يتم الرد على أسئلته من قبل السلطات. وقد تنشأ أسئلة كثيرة من خلال الحوار، لذلك لابد من توفير وصلات لتوفير المعلومات والخدمات، مع التحلى بأكبر قدر من الدقة والانضباط، ويمكن إعداد رسائل قياسية قصيرة على أن يتكرر إرسالها عبر وسائل الإعلام الاجتماعى.
سابعًا: تتحول ساحات الإنترنت ووسائل الإعلام الجديد أحيانًا إلى ساحات لإطلاق الشائعات، من هنا فإن الرد على الشائعات يقلل الأضرار التى تلحق بالسلطات والهيئات، ويحمى سمعتها. والثابت أن إدارة السمعة كانت واحدة من أهم الأسباب لاستخدام الشركات والحكومات وسائل الإعلام الجديد والقديم، لأنها توفر مجموعة متنوعة من الطرق للتعامل مباشرة مع الجمهور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة