كنت وما زلت على يقين بأن أعظم الإنجازات فى التاريخ لم تكن سوى حلم جميل داعب خيال صانعيها، وأن أروع الأعمال لم تتجاوز كونها فكرة طرأت فى الأذهان وكان يراها البعض نوعا من الخيال قد تتحقق وربما يكون مصيرها الفشل.
هكذا كان يمثل لى مشروع تطوير وتحديث مستشفى زفتى العام، فقد طرأت فى ذهنى فكرة تطويره وتحديثه وكانت بمثابة حلم جميل يبدو بعيد المنال وصعب التنفيذ على أرض الواقع، ولكن بالإصرار والعزيمة وقبل هذا وذاك بتوفيق من الله، تمكنت من الدفع بهذا المشروع ليصل إلى أعلى المستويات فى الدولة فدخل بالفعل فى حيز التنفيذ، وصار واقعا ملموساً، بل أصبح فى نظرى وكأنه صفعة على وجه الإهمال والتسيب الذى كان سببا رئيسيا لحالة التدهور الشديد التى لحقت بالمستشفى وظلت «تعشش» بين جدرانه المتهالكة على مدى سنوات طويلة.
والحق يقال فإن ظهور هذا المشروع ودخوله فى دائرة الاهتمام الرسمى لم يأت من فراغ، وإنما كان بفضل من الله سبحانه وتعالى وأيضا بدعم ومساندة من عدة جهات مهمة لا ينكرها إلا جاحد أو ناكر للجميل.. ويشهد الله أننى حينما حلمت بفكرة بتطوير هذا المستشفى لم أكن أرغب فى تحقيق أى مكتسبات شخصية أو من أجل تحقيق مجد شخصى، وإنما كان ذلك العمل خالصاً لوجه الله، فقمت بتكريس كل جهدى واستثمرت جميع علاقاتى الطيبة التى تربطنى بكبار المسؤولين فى الدولة وأيضا علاقات الإحترام المتبادل التى تربطنى بالزملاء الإعلاميين فى كل المؤسسات الإعلامية على رأسهم الكاتب الصحفى خالد صلاح، والإعلامية ريهام سعيد التى زارت زفتى عدة مرات وتابعت خطوات البدء فى تنفيذ المشروع لحظة بلحظة فتحول الحلم إلى واقع ملموس، وصارت الفكرة التى كانت تبدو بعيدة المنال كياناً حقيقيا ينمو ويكبر يوما بعد الآخر، إلى أن جاء محافظ الغربية الدكتور محمد نعيم، جاء الذى يولى اهتماماً خاصاً لهذا المستشفى فهو يمثل نموذجا يجب أن يحتذى به فى بقية المحافظات الأخرى، فالرجل لا يؤمن بضرورة البقاء داخل المكاتب المكيفة، فنراه دائماَ وبشكل شبه يومى فى جولات ميدانية ليتابع كل صغيرة وكبيرة فى المشروعات التنموية والخدمية التى تتم فى جميع أنحاء المحافظة على أرض الواقع ووسط أبناء المحافظة، ويتابع بنفسه أزماتهم والبحث عن حلول عاجلة لها.
إنها كلمة حق أردت أن أقولها وأسجل من خلالها تقديرا خاصا تجاه هذا الرجل على الرغم من محاولات البعض فى إحداث الوقيعة بينى وبينه والمحاولات «المستميتة» التى يقوم بها أعداء النجاح من أجل إحداث «شرخ» فى العلاقة «الطيبة» و«المحترمة» التى تربطنى به، فأنا ومن خلال ما عشته على مدى السنوات الماضية من أجل أن يخرج مشروع تطوير وتحديث مستشفى زفتى العام، أصبحت أحس وبشكل تلقائى بمن هم يعملون بدافع الحب ويدعمون المستشفى بنية مخلصة، كما أننى أشعر جيداً بمن يسعى لخدمة هذه المحافظة وأبنائها الطيبين بصدق، لذا أجدنى أحرص على الإشادة بكل من يحرص على العمل العام بالشكل الذى يعود بالنفع على أبناء بلدى أهل زفتى الطيبين.
وهنا أحب أن أنوه إلى مسألة غاية فى الأهمية تتعلق بالدكتور محمد نعيم محافظ الغربية وهى أنه منذ توليه المسؤولية أصدر عدة قرارات جريئة خلقت له الكثير من المشاكل مع أصحاب المصالح ولكننى أرى أنه قد نختلف أو نتفق معه ولكن يبقى فى نهاية الأمر حقيقة يجب أن نضعها فى الحسبان وهى أن قراراته المثيرة للجدل قد تؤتى ثمارها فى المستقبل وفى هذه الحالة سيعرف الجميع أنه كان يعمل من أجل المصلحة العامة حتى لو تعارضت هذه المصلحة مع مصالح قلة من رجال الأعمال والمنتفعين، وطالما أن تلك القرارات التى اتخذها تصب فى مصلحة أهل زفتى الكرام ومن أجل إعادة محافظة الغربية إلى عهدها السابق «عروس الدلتا» فإننا نسانده ولكن إن كانت تلك القرارات بعيدة كل البعد عن مصلحة المجتمع فإننى سوف أكون أول المعارضين له ولتلك القرارت طالما لم تصب فى مصلحة المواطن البسيط الذى هو فى أمس الحاجة إلى من يقدم له خدمات حقيقية.
إن مشروع مستشفى زفتى العام كان مجرد فكرة داعبت خيالى منذ عدة سنوات وأحمد الله أنها لقيت صدى طيباً لدى وزير الصحة الأسبق الدكتور فؤاد النواوى الذى تحمس وتابع المشروع بنفسه، ووافق لى على الطلب الذى قدمته له بخصوص المشروع ليس هذا فحسب بل قام أيضاً بتذليل كل العقبات لكى يعود العمل بالمستشفى فى أسرع وقت ممكن، وأذكر أن آخر يوم عمل له فى الوزارة قال إنه يوصى الجميع بضرورة استكمال المشروع لانه سيكون له مردود كبير من أجل الارتقاء بالخدمات الصحية المقدمة إلى البسطاء، أما محافظ الغربية السابق المستشار محمد عبدالقادر فقد ساعدنى بكل ما يملك من منطلق مسؤوليته وقدم الكثير والكثير إلى أن بدأت الفكرة تدخل بالفعل حيز التنفيذ.. أيضاً قدم الدكتور محمد شرشر وكيل وزارة الصحة بمحافظة الغربية رعاية متكاملة واهتماما واضحا نحو إنجاز أكبر الجهود فى أقل وقت من أجل تنفيذ المشروع فى الوقت المحدد، هؤلاء لم يكتفوا بتقديم المشورة أو الدعم المعنوى بحكم طبيعة عملهم وحسب، بل قدموا ما هو أكثر من ذلك، وهو الدعم المادى أيضاً مما كان له عظيم الأثر فى نفوس البسطاء الذين ينتظرون إنجاز هذا المشروع بفارغ الصبر.
لقد ظل مستشفى زفتى العام مهجوراً ويعانى من إهمال امتد لأكثر من 13 عاما، وعلى وجه الدقة منذ سنة 2001، فأصبحت تلقب بـ«مستنقع زفتى العام»، لأن المستشفى كان مجرد حوائط متهالكة لا تصلح لتقديم خدمة صحية للمواطنين الذين كانوا فى أشد الحاجة إلى مستشفى، علماً بأن هذا المبنى يحتل موقعاً متميزًا على النيل مباشرة.. لكنه وللأسف الشديد قد تحول إلى مجرد بركة للحشرات والزواحف وملجأ للأمراض المتوطنة بدلاً من أن يكون سبباً فى علاج هذه الأمراض.
وحتى أكون منصفا لكل من شارك من قبل أو ما يزال يشارك فى مشروع تطوير مستشفى زفتى العام، فإننى أكرر أن هذا المشروع ليس ملكاً لأحد وليس حكرا على شخص بعينه، وهو ما يجب أن نضعه نصب أعيننا، فكل من يمتلك شيئا مفيدا ونافعا لهذا المشروع، يجب ألا يتوانى ولو للحظة فى فعل هذا الأمر، وأنا أول من يفعل ذلك فقد اقتطعت من وقتى الكثير ومن جهدى الكثير والكثير فى سبيل إنجاز هذا العمل العظيم، وعلى الرغم من ذلك فأنا لم ولن أنسب لنفسى أى شىء لأننى أتعامل مع هذا الأمر باعتباره واجباً لا يمكن التردد فى المشاركة فيه، حيث كنت قد عاهدت الله من قبل على أن أكرس كل ما امتلك من إمكانات مادية ومعنوية من أجل إسعاد أهل بلدى الطيبين الذين حينما أرى السعادة تعلو وجوههم أشعر بالرضا وأتأكد أن الله سبحانه وتعالى قد اختصنى بنعمة «قضاء حوائج الناس»، وهذه فى نظرى نعمة تفوق كل كنوز الدنيا، فلله رجال اختصهم بقضاء حوائج الناس وهؤلاء الرجل لن يمنحهم الله تلك المقدرة إلا حينما يرضى عنهم ويهيئ لهم السبل التى تعينهم على ذلك.
وأحب أن أهمس فى أذن كل من يشكك فى مشروع زفتى العام أن يذهب ويرى بنفسه كيف يسير العمل هناك على قدم وساق على الرغم من كل العثرات والعراقيل التى تسببت فى توقف المشروع أكثر من مرة بسبب تأخر صرف الاعتمادات المالية.
وبالنسبة لأهل بلدى الطيبين من أبناء زفتى، فإننى أقول لهم هنيئا لكم هذا المشروع الذى سيحول مستشفى زفتى العام إلى صرح طبى نفاخر به بين المدن والمحافظات الأخرى، حيث سيتم من خلال التطوير تجهيز المستشفى بأحدث الأجهزة الطبية فى كل التخصصات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة