بعد أن قامت ثورة يناير، وتمت إزاحة نظام عتيد مستحوذ على كل شىء حتى أحزاب المعارضة الكارتونية التى كنا نعلم جميعًا أنها مجرد شوهات ضعيفة فارغة لا تمانع ولا تعارض إلا بالاتفاق مع النظام ، كنت أنتظر بل وأتلهف على رؤية حياة سياسية ديمقراطية حقيقية تتناسب وهذه الثورة التي جاءت بالتغيير الذى طالما كنا نحلم به والذي كان بالنسبة لنا لا يتعدى حاجز الأحلام.
ولكن بعد أن تحول الحلم البعيد لحقيقة واقعة، تسارعت الأماني الوردية متلاحقة متعجلة، لا تطيق صبراً علي طى صفحة الماضي بكل ما يشوبها، وبداية صفحة جديدة مليئة بتحقق كافة المثاليات المنشودة والتغيير التام، وتطبيق قواعد الديمقراطية كما ينبغى أن تكون، وعلى رأس تلك الأمنيات كانت، تأسيس نظام معارضة حقيقى قوى من خلال قيام مجموعة من الأحزاب السياسية التى تمثل تلك المعارضة تمثيلاً فعلياً.
للأسف ، بعد مرور ثلاث سنوات على قيام الثورة وما مرت به من كبوات واعوجاجات، ثم استقامت مرة أخري .. اكتشفت أن سطورًا ليست بقليلة، مما تم تسطيرها فى صفحة المستقبل، ما هى إلا حبر على ورق!
فعندما تأسست كثيرًا من الحركات والأحزاب السياسية، بعضها وُلِد كبيراً كماً وكيفاً من حيث عدد الأعضاء والشخصيات العامة ذات الحيثيات الهامة فى المجتمع، توسمت خيرًا وظننت أنها قد فُرِجت من أوسع الأبواب، وسارعت بتحرير توكيل لأحد أهم تلك الأحزاب السابق وصفها، لكن واحسرتاه، فلم تمر بضعة أشهر قليلة حتى تكشفت الحقائق المرة واحدة تلو الأخرى " من غياب التنظيم"، تهلهل اللائحة، عدم وجود روابط ما بين القيادات والقواعد، ناهيك عن الصراعات التى لا تنتهى ولا تترك مزيدًا من الوقت للعمل على الأرض، وخدمة المواطنين حتى يؤسس هذا الحزب أو ذاك شعبية وأرضية جماهيرية تكون ظهيرًا له فى خوض المعارك الانتخابية!
فلم يقو أىٍ من الأحزاب الكثيرة التى لا نذكر لها أكثر من أسمائها، فى حال إن تذكرناها، على بناء جسر من الثقة بينه وبين الجماهير، ولم يحظَ أحدهم بشعبية ولا رصيد علي الإطلاق!
أخجل أن أؤيد مقولة قد صرح بها اللواء الراحل عمر سليمان بأننا شعب غير مؤهل للديمقراطية بعد.
فما آلت إليه الأوضاع بعد مرور ثلاث أعوام على الثورة ما هو إلا إنهيار وتفكك لمعظم الأحزاب والحركات والائتلافات التى تأسست، وانصراف عدد ضخم من المؤمنين المتحمسين عنها بلا رجعة إلى حين إشعار آخر، استقالات جماعية، صورة مزرية محبطة لمن يتصدرون المشهد السياسى، تخلو من المصداقية والعمل الحزبى المنتظر على أرض الواقع، تتصدرها الشوهات والمؤتمرات الصحفية واللقاءات التليفزيونية، بالإضافة إلى الخناقات والفضائح. والانتخابات والاستماتة على المناصب فحسب.
فى الماضى، كانت شكوانا من القهر وقمع المعارضة، وعدم إتاحة الفرصة الحقيقية لوجود أحزاب سياسية لها شعبية ولها القدرة على مراجعة ومحاسبة النظام، أما الآن وبعد أن أُتيحت الفرصة كاملة، وفُتحت الأبواب على مصراعيها، تكشفت الحقائق ، وثبت بالدلائل أننا بحاجة إلى إصلاح وتهذيب أنفسنا أولاً وقبل أن نستمرئ تعليق أخطائنا المتكررة على شماعات الآخرين.
ختامًا: رفقاً بالوطن الممزق، اتركوا البحث عن المناصب، والسعى خلف الكراسى، ونحوا خلافاتكم جانباً ، وابحثوا عن ما يزيد من أرصدتكم لدى المصريين، لأنكم وبكل أسف ( أحزاب بدون رصيد).
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة