«رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره» حديث للرسول عليه الصلاة والسلام، يؤكد فيه أن علاقتك بالمولى عز وجل لا علاقة لها بمنصبك على الأرض، وأن الله لا ينظر إلى صورتك ولكن ينظر إلى قلبك، لذلك لا تسaتصغر شأن أحد، فقد يكون هذا الفقير البسيط المتواضع الحال، من وجهة نظرك، مقبولا عند الله أكثر منك إلى الحد الذى إذا سأل الله أعطاه.
معنى الحديث، كبقية أحاديث المصطفى عليه السلام رائع وجميل ويدعونا إلى خصلة طيبة تنفعنا فى دنيانا وآخرتنا فقد أدبه ربه فأحسن تأديبه، ولكن هذا المعنى الذى لا يحتاج إلى اجتهاد كبير حوله أحد الذين اعتلوا منبر رسول الله فى غفلة من الزمان فى إحدى الزوايا إلى معنى آخر تماما، عندما قال إننا نستفيد من هذا الحديث أن من يرد أن يتقبل الله دعاءه فعليه أن يسافر سفرة بعيدة حتى يكون أشعث أغبر فيتقبل الله منه.. هكذا مرة واحدة.
إمام آخر، وللأسف الشديد كان أزهريا خصص خطبته للحديث عن أهمية التوكل على الله ولكى يدلل على كلامه استشهد بقصة عابد ناسك سقط فى بئر مهجورة فى الصحراء رفض أن يستغيث أو يستصرخ الذين أرسلوا دلوهم فى البئر ليملؤه بالماء، يقينا منه -كما يضيف الشيخ- أن الله الذى امتحنه بالسقوط فى البئر هو من سينقذه. أين إذن القاعدة الفقهية التى علمنا إياها رسول الله عندما قال للإعرابى الذى أراد أن يترك ناقته على أن الله سيحرسها، مقولته الخالدة التى نرددها كثيرا دون أن نعى معناها: اعقلها وتوكل، أى خذ بالأسباب واربط الناقة، ثم توكل على الأسباب؟
هذه نوعية بسيطة من نوعية الأئمة الذين يعتلون المنابر فى الزوايا التى أقيمت فى بدرومات العمارات أو على الأرصفة والتى تنتشر أيضا فى قرى ونجوع مصر، يوزعون الجهل والتشدد الدينى، بل ويسيؤون إلى الدين الحنيف، ويأتى قرار وزارة الأوقاف بضم جميع الزوايا والمساجد فى مصر إلى الوزارة ليضع حدا لمهزلة تحويل هذه المساجد إلى بؤر لتشكيل وعى الإرهابيين والتبعية تعنى بالضرورة أن يكون هناك خريج أزهرى متعلم ودارس واجتاز اختبارات تؤكد أهليته لاعتلاء المنبر، ولن تجد الأوقاف فى تحقيق ذلك أية مشكلة لأن الأزهر يتخرج فيه سنويا قرابة مائة ألف خريج، ولكن الأهم انتقاء من يؤمن قولا وفعلا بوسطية رسالة الإسلام حتى لا نكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، فنحن نرى ونسمع كل يوم ما يفعله طلاب الأزهر، باسم الدفاع عن الإسلام، بقى الجزء الخاص بما يسمى بخطبة الجمعة الموحدة، على غرار الأذان الموحد، وهو ما يعنى أن يكون ما يتحدث فيه الإمام فى مسجد فى حلايب وشلاتين هو نفسه ما يتحدث فيه الإمام فى قرية مراقيا فى الساحل الشمالى، وهو أمر غير مقبول ويعطى ذريعة للمتربصين بعسكرة بيوت الله، ورغم أن القرار حدد موضوع الخطبة، ولم يلزم الإمام أن يقرأها مكتوبة، كما فى أغلبية دول الخليج، وترك له مرونة التركيز على محاور دون أخرى حسب طبيعة المكان، وطبيعة المصلين، فإننى أرى أن مثل هذا القرار سيضر أكثر مما سينفع، وسوف يصب فى مصلحة المتشددين الذين سيروجون بين الناس أن منبر رسول الله لا يقال عليه إلا ما يرضى عنه الأمن، ناهيك أنه سيقضى على فرص ظهور دعاة حقيقيين، مصر فى أمس الحاجة إليهم، لأن معركتنا الحقيقية مع الفكر التكفيرى بالدرجة الأولى. علاج فوضى أئمة الزوايا لا يكون بالخطبة الموحدة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة