أشرف مفيد

فى حب مصر!

السبت، 22 مارس 2014 10:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت دائماً أتساءل عن تلك القدرة "العجيبة" التى يتمتع بها اليهود فى التغلغل داخل المجتمعات الغربية، وعن سطوتهم "المريبة" على عقول صانعى القرار السياسى فى تلك الدول الداعمة لهم، والمساندة لمخططاتهم "العدوانية" على الدوام .

ولكن بعد زيارتى لإحدى مدارس فيينا فى إحدى زياراتى للنمسا بدعوة من الدكتور حازم عطية الله محافظ الفيوم حينما كان مستشارا سياحيا لمصر لدى النمسا منذ عدة سنوات، تأكدت وبما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الأمر لم يأتِ من فراغ، وإنما هو نتيجة طبيعية لما يقوم به اليهود من أجل الترويج لأفكارهم، فقد لمست بنفسى أن هناك خطـة مدروسة بدقة موضـوعة منذ سنوات طويلة من قبل المؤسسات اليهودية فى كثير من دول أوروبا للتغلغل داخل المدارس بهدف تربية جيل من الشباب تغرس بداخلهم كل المبادئ والأيديولوجيات التى تعظم فكرة التعاطف مع اليهود, مستخدمين فى تحقيق ذلك ما قد يكون قد تعرض له اليهود إبان الحكم النازى, بحيث يتحول هذا الجيل مستقبلا لمدافع مخلص عنهم مؤيدا لكل ما يتخذه اليهود خارج وداخل فلسطين المحتلة من ناحية أو فى المحافل الرسمية وغير رسمية من ناحية أخرى.

فيتعجب كل من لا يعرف حقيقة ذلك, كيف لهؤلاء السياسيين من دول أخرى الحق والحجة فى التأكيد على صحة ما يطرحونه من مبررات دفاعا عنهم دون أن نحاول الكشـف عن الأسباب الحقيقية التى حولتهم إلـى مدافعين مخلصين عن اليهود، بالرغم من عـدم وجود استفادة مباشرة وثمار يجنونها فـى بعض الأحيان من جراء اتباعهـم لهذه السيـاسة؟.. بالطبع هناك فى الوقت نفسه أسباب أخرى تجعل الكثير من الـدول تدافع عن هذه السياسات دون وجه حق منها المزايا الاقتصـادية التى يحصلون عليها مقابل هذا الانحياز الصريح، ولكـنـ وكما ذكرناـ هناك عامل السياسـة الهادئة المستترة لتربية أجـيال مـن الشباب الذين سيحملون على عاتقهم بعد انخراطهم فى معترك الحياةـ وبشكل تلقائى- مسئولية الدفاع عن هذه الآراء والاتجاهات التى تسير عليها سياسة اليهود.

وهنا تجسد أمامى مثالا حيا من داخل أروقة المدارس بالنمسا، فبرامج الدراسة ببعض المدارس تحتوى بشكل غير مباشر وغير رسمى موضوعات تطرح على الطلبـة، وتسرد لهم بدقة وتفصيل كل ما يكون قد تعرض له اليهودـ كما ذكرناـ خلال الحكم النازى والتى توضع فى أغلب الأحيان فى قالب قصة مثيرة متكاملة الأركان، وقد رأيت كيف أن هذا البرنامج المستتر ينتهى برحلة لطلبة المدرسة إلى معسكر "شوناو"، والذى كان يتم فيه تجميع اليهود بهدف تعذيبهم من قبل الحكم النازى.

ولكن قمة هذا التخطيط تتجسد فى تلك الرحلة التى يقوم بها طلبة وطالبات فصـل دراسى كامل على أقدامهم بمصاحبة مدرسيهم لتتبع الخريطة السكانية لليهود بالعاصمة النمساوية فيينا, حيث يزورون العديد مـن المسـاكن التى كان يقطنها اليهـود فى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن المنقضى، ممن لاقوا حتفهم من جراء الحكم النازى، وعلى كل طالب أن يحمل معه باقة صغيرة من الوردـ اشتراها من مصروفه الشخصى- مذيلة ببعض كلمات النعى والرثاء ليضعها أمام تلك المنازل تأكيدا واعترافا من هؤلاء الأطفال بتعاطفهم الكامل مع تلك القضية !

لقد لمست بنفسى كيف يمكن استغلال هذه الشريحة العريضة من الشباب الأجنبى فى الخارج لخدمة أهداف سياسية.. وهنا تحضرنى تجربة ناجحة نفذها المكتب السياحى المصرى فى النمسا حينما كان يراسه د.حازم عطية الله، تلك التجربة كانت عبارة عن مسابقة تهدف إلى تربية جيل المستقبل من الشباب النمساوى فى حب مصر, وإعدادهم ليكونوا بمثابة سائحى المستقبل المولع والمنبهر بمصر الماضى والحاضر والمستقبل.

وقد تم تنظيم هذه المسابقة فى كل المـدارس الثانوية بالنمـسا بجميع محافظاتها والتى تبلغ 1600 مدرسـة, تحت عنوان "النمسا تكتشف مصر.. لقاء الحضارات"، وهى عبارة عن مشاريع عمل جماعية يشارك فيها الطلبة والطالبات كمجموعات عمل تمثل فصـول دراسية بإشـراف مدرسيـهم تدور حول مواضيع مختلفة عـن مصـر سواء كانت تاريخية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أوسياحية.

ولأننى كنت قد تابعت هذه المسابقة عن قرب على مدى 3 سنوات متتالية فإننى لمست بنفسى القيمة الحقيقية المستفادة من نوعية المشاريع المقدمة واستغلال مكوناتها فى الدعاية لمصـر, فقد كانت إحدى المشاريع الفائزة فى المسابقة عبارة عن سـرد كامل لمسيرة الحضارة المصرية القديمة من خلال مجسمات بالحجم الطبيعى للعديد من الآثار المصرية القديمة، بما فى ذلك مجسم لمقـبرة الملك توت عنخ آمون بالحجم الطبيعى, قام طلبة وطالبات هذه المدرسـة بتنفيذها بأنفسهم. ومما يلفت النظـر والإعجاب أنهم قاموا باستغلال هـذه المجسمات فى إقامة معرض سياحى عن مصـر افتتح فى مدينتهم واستمر لمدة شهر.

نحن الآن وبعد كل ما نتعرض له من انتقادات دولية فإننا فى أشد الحاجة إلى مشروع قومى يستهدف تربية جيل المستقبل من الأجانب فى حب مصر خارج حدود بلدنا بمنظور أوسع وأعمق، وهذا المشروع ينبغى أن تتضافـر فيه كل جهـود الدولة لمساندته ودعمه فقد آن الأوان لأن ننظر إلى أجيال المستقبل من غير المصريين فى الخارج كسفراء لنا فى تلك الدول وتكون مهمتهم الأساسية هى الدفاع عن قضايانا المشروعة والعادلة والتصدى لهذه الهجمة الشرسة التى تتعرض لها ثورتنا الشعبية التى أطاحت بحكم الجماعة الإرهابية، التى- وبكل أسف- تلقى الدعم والرعاية من بعض تلك الدولة لأسباب لا يعلمها إلا الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة