بعد يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 تغير وجه العالم، إنه يوم الأحداث التى كانت هى مجموعة من الهجمات الإرهابية التى شهدتها أمريكا حيث تم تحويل اتجاه أربع طائرات نقل مدنى تجارية وتوجيهها لتصطدم بأهداف محددة نجحت فى ذلك ثلاث منها، الأهداف تمثلت فى برجى مركز التجارة الدولية بمنهاتن ومقر وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» وسقط نتيجة لهذه الأحداث 2973 ضحية و24 مفقودا، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة، فى اليوم التالى لهذا اليوم العصيب كنت جالسا أدخن الشيشة فى مقهى الواحة فى شارع جورج ميسون فى مدينة أرلينجتون عاصمة ولاية فرجينيا، ودخل صديقى القديم الأمريكى والفيتنامى الأصل «لونج جيا» ومعه زوجته جميلة الجميلات «نجوين فونج» وما أن رآنى حتى صاح بإنجليزيته الركيكة»، قائلاً: «Donatio Muslim brother to buy a machine gun» أى تبرع يا أخى المسلم لشراء رشاش» وضحك كل الموجودين فى المقهى وكان معظمهم من المسلمين العرب، فلسطينيين ومصريين، وبعض الأمريكان السود، ويعرف الأمريكان جمع التبرعات بـ«fundraising» وهى كلمة تشير إلى الجهود المبذولة لجمع مال تبرعى من أجل دعم قضية أو مشروع وعادة ما يكون غير ربحى بشكل عام، تتكثف جهود جمع التبرعات بالتماس طلب هبة، نقدية أو عينية، من الأشخاص أو المؤسسات التجارية أو الخيرية أو الحكومية التى تتبع حكومات الولايات، أو بأسلوب التمويل الجماعى.
ومن أبسط أساليب جمع التبرعات هى طرق الأبواب أو الدعوة إلى التبرع فى الأماكن العامة وخاصة الأماكن التى ترتبط بمشاريع دينية أو اجتماعية، أما فى لغتنا العربية فإذا بحثت فى مصدر كلمة «تبرع» فسوف تجد أن مصدرها الجذر «برع أى إِعْطَاء، مَنْح، والتى تعنى أعطى من دون مقابل، فجمع التبرعات تعنى جمع هبات، أما التبرعات الدينية فتسمى «إحسان أو تصدق تجاه الله»، ويمكنك بضمير مستريح أن تقسم المتبرعين فى العالم العربى إلى قطاعات يمكنك حصرها فى القطاع الفردى والأسرى وهو يعتبر المصدر الرئيسى لأغلبية حالات التبرع فى العالم العربى.
وأبرز أنواع التبرع هى التبرعات النقدية والعينية والأوقاف والوصايا كما يمكن للأشخاص التبرع بقيم عينية مثل تخصيص وقته الخاص أو معرفته وخبرته لعمل خيرى دون مقابل، ومن أشهر أنواع التبرع الشخصية هو البقشيش وهو مبلغ من المال يضاف إلى قيمة فاتورة وتكون مخصصة لخدمة قدمها شخص ما مثل سائق تاكسى أو مضيف مطعم، والقطاع الخاص وهو يقوم بتمويل مشاريع أو قضايا بشكل هبات من أجل الدعاية، أو كجزء من فلسفة الشركة لتطبيق المسؤولية الاجتماعية للشركات أو كعامل لتخفيض الضرائب، والقطاع غير الربحى مثل تحسين الصرف الصحى فى القرى النائية أو تطوير استخدام الحاسوب فى قطاع اجتماعى ما، والقطاع الحكومى وتشمل مساهمات القطاع الحكومى خدمة نشاطات أو أحداث مجتمعية مثل تقديم دعم مادى للمدارس المجانية أو لجمعيات النشاطات الرياضية فى القرى أو لمساعدة متضررى الكوارث، أما التبرع فى الدين فله معناه الخاص فى مجتمعاتنا العربية، فالتبرع لوجه الله يقابله جزاء خير بعد الممات، كما يشمل التبرعات الحكومية مساعدة دول غنية لدول أخرى فى دعم المجتمع أو الاقتصاد، و«تبرعات الدول الغنية» هى التى تواجهها الاتهامات بالخيانة والعمالة والتدخل فى الشؤون الداخلية للدول وهو ما سوف نتناوله فى مقال قادم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة