هل شعر عزيزى القارئ يومًا بأى ألم عند تقليم أظافره؟! هل تعطى عزيزى القارئ أى اعتبار لمكان تخلصك من قُلمة الأظفر؟! يبدو أن السؤالين يثيران تعجب القراء بشأن ارتباطهما بحدث أو تحليل سياسى كما هو واضح من عنوان هذا العمود "فى اللغة والسياسة".
ولكن الكاتب ينوى إدخال بعض من الكلِم الذى ظن الناس أن استخدامه فى السياسة إنما هو فى غير مواضعه، ولعل مصطلح "قُلمة الأظفر" قد يكون المصطلح الأنسب من حيث الحجم والتوقيت لدويلة قطر كما يُنظر إليها من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية التى تستخدمها فى تمرير ما لا يمكن تمريره من خلال الكيان الصهيونى فى المنطقة العربية من منطلق أنها الدولة التى لا تعدو مجرد شظية يسهل التضحية بها عند انتهاء دورها أو أن تسببت فيما هو ليس مرجو منها، وكما هو معروف فإن الولايات المتحدة كانت فى حالة احتياج للغاز الطبيعى بكميات لا تستطيع سوى قطر توريدها للكيان الصهيونى الذى يعتمد على هذا الغاز بشكل شبه رئيسى فى قاعدته الصناعية، والتى تعتبر الشريك الصناعى والتقنى الرئيسى للولايات المتحدة.
ولعل أغلب القراء لا يعرفون أن حقل الغاز البحرى الأكبر فى العالم هو حقل تتشاطره قطر وإيران وهو ما سعت قطر منذ تولى حمد بن خليفة لترويجه أمام الكيان الصهيونى وأمريكا ومحاولة توريده عبر الأردن بل صرح حمد -بعد ثلاثة أشهر من انقلابه على أبيه- بما هو أفضح وليس مجرد أفدح وهو دعوة العرب على كسر المقاطعة العربية للاقتصاد الإسرائيلى على حد تعبيره.
ولعل الغالبية من القراء يعلمون أن القاعدة الجوية الأمريكية الأكبر فى المنطقة هى قاعدة العُديد فى قطر، حيث يتم التحكم منها فى جميع العمليات الجوية الأمريكية فى المنطقة.
أما بخصوص الدور الذى كان من المفترض أن تلعبه الدوحة فى الداخل العربى فكما يبدو أن الدوحة فقدت لياقتها السياسية فى التعامل مع طبيعة الأنظمة العربية المحيطة على الأقل، ما يشير إلى أن الأمير الشاب "تميم" لم يتلق الدرس كاملاً من أبيه المتنحى "إراديًا أو غصبًا" وهنا يجب أن نعود للسبب الرسمى الذى أُعطى لاستدعاء السفراء هو فشل قطر فى الوفاء بوعودها وفقًا لاتفاق لم يعلن عنه مسبقًا، وتم التوصل إليه قبل ثلاثة أشهر ومفاده أنه يتعين على قطر ألا تدعم أى طرف يهدف إلى تهديد أمن واستقرار أى عضو فى مجلس التعاون الخليجى، ويفترض أن ذلك هو كناية تعكس الدعم المقدم لأنصار "الإخوان المسلمين" وهى جماعة تعتبرها السعودية والإمارات على وجه الخصوص بأنها تشكل تهديدًا لأنظمتهما السياسية.
وفى وقت سابق من هذا الأسبوع، حكمت محكمة فى دولة الإمارات على طبيب قطرى بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة دعم "منظمة غير قانونية سرية" يعتقد أنها جماعة الإخوان، ولأن الشاب غائب الذهن فلم يلتفت للمقوم الرئيسى للنظم الحاكمة فى الخليج وهو أن البنية السياسية التى تشكل أنظمة دول الخليج العربية الأخرى تتزعمها عائلات مالكة أو أسر حاكمة مرتبطة بعادات عربية خليجية فيها من الرسوخ ما يتعارض لدرجة التناقض مع الرؤى الإخوانية للحكم من ناحية ولم يلتفت الشاب إلى أن الأنظمة الخليجية بالقطع ستلاحظ أن الدوحة بقدر دعمها الشديد لتنظيم الإخوان إلا أنها تتسامح على ما يبدو مع «الجماعة» طالما توجه طاقاتها نحو الخارج ما يشكل جرس إنذار لتلك الدول بأن الدوحة تعمل بجدية على قلب نظم الحكم هناك، وهى الإشارة التى لا يمكن أن تسمح بها واشنطن على الأقل فى الوقت الراهن حيث يشكل ذلك انتكاسة حقيقية للسياسة الدبلوماسية التى تنتهجها فى منطقة الخليج العربى ما سيحمل أوباما عبئًا ضخمًا عند لقائه "العاهل السعودى" ما يعنى أن الولايات المتحدة سيكون عليها المفاضلة بين مصالحها فى دول الخليج مجتمعة أو مصالح باتت غير ذات أهمية قصوى ودور شبه منعدم بل تحول للضرر مع الدوحة، وهنا تصبح قُلمة الأظفر كما هو دورها ذاهبة فى غير ألم يذكر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة