فى كلاسيكيات «الوحدة العربية» يقول المنظرون إن المنطقة العربية من أكثر المناطق استعدادا للاندماج والوحدة وذلك لأن الشعوب العربية تشترك فى كثير من السمات والخصائص توفر لها اندماجا أسهل، ومن هذه المشتركات وجود لغة مشتركة وتاريخ مشترك وديانة مشتركة، لكن للأسف رغم المحاولات المضنية التى بذلها الجميع فى هذا الشأن لم تنجح «الوحدة» ولم ينجح حتى «التعاون» وهنا لابد أن نتساءل: هل ضعفت هذه «المشتركات» أم فقدت مفعولها وتأثيرها وجدواها.
لا تظن هنا أننى أجدد الدعوة «للوحدة العربية» أو أروج لها، لكنى أريد من خلال تناول هذه التجربة التاريخية أن أدلل على أن «التاريخ وحده لا يكفى» ولو قامت تجربة الوحدة العربية على «حلم» ومشروع مستقبلى لتغيرت المعادلة ولأصبحت الأمة العربية الآن من أكبر الأمم وأعظمها شأنا، فربما قد يكفى «التاريخ» ليقنعنا بالجلوس على طاولة واحدة، وربما تكفى «المشتركات الكلاسيكية» لمسيرة يوم أو يومين، لكن فكرة استنزاف هذه «المشتركات» والتعويل عليها أصبحت فى محل «التاريخ» الذى لن يشفع لمن يريدون مستقبلا حقيقيا.
هنا فى مصر أمة تريد أن تنهض، لكنها - حتى الآن - لا تقدم مشروعا وطنيا جامعا يعيد إلى مصر «مصرها» ويكفى لتسير مصر على خطاه أجيالا، وللأسف فإننا مازلنا نردد تلك العبارات الكلاسيكية عن مصر «أم الدنيا» دون أن ندرى أنها الآن تأكل تاريخها وتتقيأ حضارتها وكأنها سم زعاف، وإذا ما نظرنا إلى حالنا الآن سنجد أننا نكرر نفس خطيئة «الوحدة العربية» التى لم تنظر إلى المستقبل ولكنها اعتمدت على «الماضى» فذبلت قبل أن تثمر، وانحدرت قبل أن تزدهر.
أسئلة إجبارية لابد أن توضع الآن أمام كل مرشح من مرشحى الرئاسة الذين يرون فى أنفسهم جدارة ما لقيادة مصر، هذه الأسئلة هى: علام سأعتمد إذا ما أردت النهوض بالأمة المصرية؟، وكيف سأحاول تغيير وجه الوطن فى بضعة سنوات؟ وهل تصلح «المشتركات» القديمة للارتكاز عليها فى المستقبل؟ وهل بقيت هذه «المشتركات» على حالها أم أنها هى الأخرى بحاجة إلى مشروع وطنى لإعادة «المشتركات الوطنية؟».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة