وكأن القدر يقصد أن يبعث لنا رسائل شديدة اللهجة نقرأها بعيون حزينة وقلوب يملأها الخوف ومشاعر مختلطة من صدمة ووجع وانفطار ، يريد أن يرينا فنونه فى اللامتوقع واللا محتمل لنعى المعنى الحقيقى لفكرة أن هذه الدنيا لا تساوى فعلا جناح بعوضة، لا أعتقد أن شيئًا فى هذه الدنيا أكثر قهرا للإنسان من المرض، فعلى بابه مجبرا ستخلع نعليك وتطأطئ رأسك وتتحول شكلا وموضوعا لكائن آخر لم يعرفك أحد من قبل ، المرض كفيل أن يحاصرك بالعجز من كل الاتجاهات ويجعلك تفهم إلى أى مدى الإنسان ثقيل جدا لو همد، المرض قادر أن يجعل درجة احتياجك تصل للمرحلة التى تقرأ فيها تعبيرات الضجر المتوحشة فى عيون المحيطين مهما بلغت درجة حبهم وتعلقهم بك، المرض هو أن تحتاج والاحتياج هو أن تذل وتصدم وتتوجع وتجد نفسك تنصف مرة وأمامها تحبط آلاف المرات، لذا أبدأ كلامى بأن أستعيذ بالله من شره وأدعوه لفك كرب المكروبين وتخفيف أوجاع الموجوعين واعتبار رحلة عذابهم مع المرض فى ميزان الحسنات والأجر والثواب.
خالد الصاوى فنان غنى عن التعريف وإنسان لا يعرفه الكثيرون ولأنى عرفته إلى حد ما بحكم العمل كصحفية فأرى أن سطورى السابقة لن تنطبق عليه فى رحلته مع مرض فيروس الكبد الذى أعلن إصابته به وأعلن بعدها أن جسده لا يستجيب للعلاج لأن حالته ضمن نسبة الـ10% التى أكد الطب أنها لا تتستجيب، أرى أن خالد الصاوى أقوى من المرض مهما تمكن منه ومهما أوجعه ومهما هزمه، هو شخصية تعلم جيدا كيف تصنع الإرادة الفولاذية وكيف تستخدم، وكيف يمكن تحويل الهزيمة الساحقة إلى نصر مجيد، خالد الصاوى تحت الميكرسكوب عبارة عن أكاديمية تمشى على قدمين ومؤسسة يدرس فيها كيف تقهر أى شىء لا يقهر، مر فى مشوار حياته قبل أن يكون "النجم خالد الصاوى" بمراحل من الإحباطات لا يتجاوزها إلا شخص مثله، فرض نفسه بالموهبة التى آمن بها واحترمها ولم يهينها يوما من أجل أكل العيش ومنطق السبوبة فدخل تاريخ الفن المصرى من البوابة الرئيسية كنجم لا ينقصه شىء للوصول للعالمية، هو المناضل السياسى _ الواعى بحق وليس المدعى _ ، هو الشاعر صاحب الدواوين الرائعة وغول المسرح الذى يحلو له العناد والمشى فى الطرق الوعرة، هو من أفنى عمره بحثا عن حلمه فحققه ووقف فوقه منحينا أمام تصفيق الجمهور وإشادته به.
ليس هذا فقط سر إيمانى بأن خالد الصاوى لن يهزمه المرض أبدا، مؤمنة بذلك لأنى سمعته فى آخر ظهور تلفزيونى له يتحدث وكأنه على أتم استعداد لمواجهة كل الاحتمالات أيا كانت ويؤكد أنه قادر على الاستيعاب والتكيف مهما وصل الأمر، أفكار مثل هذه هى التى تدفع للمقاومة وتهيأ الجسد لدخول الحرب متسلحا بالعتاد الكافى.. خالد الصاوى فى كل الأحوال منتصر لأنه فى كل الأحوال هو الأقوى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة