رأيى: رئيس مصر الآن هو عـبدالفتــاح السـيسى الذى يكافح لبناء المستقبل، أما مبارك فهو صفحة الماضى ويجب أن نطويها بحلوها ومرها، والمضى إلى المستقبل لا يكون بإشعال الفتن والصراعات، ولا بتقسيم الناس إلى «فلول» يريدون إعادة إنتاج النظام القديم، و«ثوار» ضاعت أحلامهم فى التغيير، وإخوان اتخذوا الإرهاب طريقا لأطماعهم فى الحكم، وبينهم شعب كبير يبحث عن الأمن والحرية ولقمة العيش، ويسهر على تحقيق تطلعاته نظام حكم وطنى، جاء بإرادة الشعب ويستكمل خارطة المستقبل بإجراء الانتخابات البرلمانية، ويحاول أن يستعيد هيبة الدولة فى الداخل ومكانتها فى الخارج، وتتربص به مؤامرات كبرى لا تريد خيرًا لمصر وشعبها.
آن لسفينة الوطن أن ترسو على شاطئ الاستقرار، ودعامته الأولى إعلاء شأن دولة القانون، ولن يتأتى ذلك بالتشكيك فى القضاء وتسفيه أحكامه، فالقاضى يحكم بالقانون وليس بالأهواء السياسية وشعارات الميادين، فالشعارات علقت كل الرؤوس على المشانق، ولو استسلمنا لمقولة «الشعب يريد إعدام فلان»، فلن يسلم منها أحد، والميادين تحولت إلى ساحات للتخريب والحرق والقتل، ومن السذاجة أن نسأل: «من قتل من؟» لأن الأصابع التى تدوس على الزناد كثيرة، وأصبحت أرواح الناس رخيصة جدا عند جماعات العنف والإرهاب التى حولت السلمية إلى دموية، ولن تتراجع عن مخططها الثأرى جريا وراء وهم استعادة الشرعية الكاذبة، وعودة الرئيس المعزول الذى يواجه تهما بالعمالة والتخابر والخيانة.
ولنأخذ العبرة من الماضى لتحصين الحاضر والمستقبل، وأهم الدروس أن تكون لدى الحاكم القدرة على استشعار تطلعات شعبه وأمانيه، والمطلب العاجل المدرج على أجندته هو تحقيق نهضة تنموية شاملة، تحكمها قوانين حديدية للعدالة الاجتماعية، ليشعر الفقير أولا أنه يحصل على نصيبه من ثروات بلاده، فلا يصب الجانب الأكبر فى جيوب وبطون قناصة الثروة والسلطة، وهم- فى رأيى- أهم أسباب السقوط السريع لنظام ما قبل 25 يناير، حيث التهمت الرأسمالية المتوحشة ثمار التنمية ولم تترك سوى الفتات، ومصر فى أمس الحاجة لحزمة من القوانين التى تقلم أنياب وأظافر الرأسمالية، كما هو معمول به فى الدول التى اخترعت الرأسمالية.
ليس معنى الانصراف إلى المستقبل التستر على أخطاء الماضى أو العفو عن مرتكبيها، ولكن لا يجب أن نثقل كاهل القضاء الجليل بنظريات سياسية ليست مدرجة فى القوانين التى يحكم بمقتضاها، وإلا طالبناه بإصدار حكم على عبدالناصر لمسؤوليته عن هزيمة يونيو، والسادات الذى فتح السجون للإخوان وأطلق مارد الإرهاب من القمقم، ولم يكن مدرجا فى ملفات محكمة القرن محاكمة مبارك سياسيا، فى اتهامات يثيرها خصومه فى الصحف والفضائيات، كمسؤوليته عن انتشار الأمراض وزيادة معدلات الفقر وإهدار مكانة مصر إقليميا ودوليا وغيرها، لأنه توجد فى المقابل آراء أخرى تدحض ذلك تماما.
مجمل القول، أن الجدل السياسى ظاهرة صحية، أما التشكيك فى القضاء فهو فتنة مدمرة، تمس ركنا أساسيا من أركان الدولة، وتعصف بقيم العدالة التى تحقق الاستقرار والطمأنينة، والقاضى حين يجلس فوق منصته الرفيعة السامية، لا يحتكم إلا لضميره والقانون الذى يحكم بمقتضاه،، فلا تحملوه بما تريدون وتهوون، حتى لا ينجرف ميزان العدالة فى متاهات السياسة فندفع جميعا الثمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة