محمد فودة

محمد فودة يكتب.. خالد عبدالعزيز.. نقطة تحول فى قضايا الشباب

الأربعاء، 03 ديسمبر 2014 10:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما يتعامل مع قضايا الشباب، فإنك تشعر بأنك أمام جراح ماهر يعرف جيدًا مواطن الداء داخل الجسد المترهل الذى أوهنه المرض، وأتعبه الإهمال، فهو يمتلك قدرة وكفاءة عالية تؤهله للقيام باستئصال المرض بدقة فائقة، دون أن يترك خلفه أى أعراض جانبية.

إنه المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، المهموم بقضايا الشباب، والمتطلع دومًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا يحمل لجيل الشباب كل الأمل فى تولى زمام الأمور فيما بعد.

يجبرك على احترامه بدماثة خلقه، وروحه السمحة، ويبهرك بلباقته وبكلامه المرتب بشكل دقيق.. وحينما يتحدث مرتجلاً يبدو كأنه يقرأ مقالاً من الذاكرة، كما يثير دهشتك بأفكاره ورؤاه التى تفوح منها رائحة الوطنية، وهو يتناول مشكلات الشباب، والدور المنوط بهم خلال المرحلة الحالية الدقيقة من عمر الوطن التى تشهد تحولاً كبيرًا على جميع الأصعدة.

لذا فلن أكون مجاملاً إن قلت إن المهندس خالد عبدالعزيز ما كان يجب أن يكون مجرد وزير فى الحكومة، فهو يستحق ما هو أكبر من ذلك بكثير، فهو يمتلك من الحكمة والكفاءة ما يجعله دائمًا حريصًا كل الحرص على أن يزن الأمور بميزان الذهب المعروف بحساسيته الشديدة، وهو فى ذلك الأمر أشبه بـ«الجواهرجى» الذى يزن المجوهرات الثمينة بهذا الميزان الدقيق جدًا الذى يتعامل مع ما هو أقل من الجرامات، فمن يتابع ما يقوم به من أنشطة متنوعة فى جميع قطاعات الشباب والرياضة منذ توليه هذا المنصب يلمس بنفسه هذا الكم الهائل من الإنجازات، ويشعر بتلك الطفرة التى أحدثها فى هذا المجال الحيوى المهم، ويعى جيدًا أنه يستحق القول بأنه واحد من أهم وأبرز من تعاملوا مع قضايا الشباب والرياضة بالفكر المختلف، والرؤى التى تستند إلى أسس ومفاهيم علمية دقيقة، ليس هذا فحسب، بل إننى أراه بالفعل هو الرجل المناسب للمكان المناسب، فنحن لم نر من قبل أى وزير لهذا القطاع المهم يقوم بتلك الحركة المستمرة ليل نهار فى كل مكان على أرض مصر، ولم نكن نسمع أو نرى من قبل وزيرًا تعامل بتلك الروح الفياضة المستمدة من الروح الوطنية التى تسير عليها القيادة السياسية، مما يدفعنى إلى القول بأنه يرسم ملامح خارطة طريق جديدة لجيل الشباب الذى تعول عليه الدولة كثيرًا فى مصر الجديدة القادمة بقوة، والتى تتشكل ملامحها الآن.

لقد استطاع خالد عبدالعزيز أن يصل إلى القرى والنجوع والمناطق النائية، مخاطبًا الشباب بفكر واع، ومن خلال آليات عمل استثمر خلالها مراكز الشباب التى كانت إلى وقت قريب مصدرًا لتفريخ العناصر الإرهابية، ولكن بفكره الهادئ وبتعامله العاقل والمتزن استطاع أن يجعل تلك المواقع أشبه بالصروح الرياضية فى مناطق أتحدى أن يكون أحد من الوزراء السابقين يعرف مكانها على الخريطة، أو حتى يعرف ينطق اسمها بشكل صحيح، لذا فإن نجاح خالد عبدالعزيز فى الوصول إلى مراكز الشباب بتلك الأماكن النائية، والقيام بتطويرها وتحويلها إلى طاقات إيجابية، يخلق من خلالها حالة خاصة جدًًا، لجدير بأن يكون أمينًا على تربية الجيل الجديد من النشء والشباب، فالشباب هو مفجر الثورة المصرية التى انضمت إليها أغلبية القوى السياسية بعد ذلك، مما أكسب الثورة البعد الشعبى، كما أن الشباب كانوا فى صدارة المطالبين بالتغيير، وبالتالى هم أفضل فئة مرشحة للعمل كأطراف فاعلة للتغيير من أجل استعادة الأعراف الثقافية التقليدية المصرية المتعلقة بالتسامح واحترام الآخر، وهو ما يتطلب تغييرًا جذريًا فى منظومة التعامل مع الشباب لترسيخ القيم الأخلاقية، وتنمية القدرة على حل المشاكل، وتنمية مهارات ريادة الأعمال، وثقافة الاختراع والابتكار، والتعجيل بخلق فرص عمل للشباب الذين يبلغ عددهم نحو 20 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، أى ما يقرب من ربع السكان.
ولكن، وعلى الرغم من ذلك سيظل تمثيل العناصر المؤهلة من الشباب فى النظام السياسى الجديد الذى يؤسس له دستور 2014 بمثابة التحدى الحقيقى الذى تواجهه مصر، وليس الشباب المصرى فقط، خاصة فى ظل سيطرة بعض التوجهات «الأبوية» على الحياة السياسية المصرية، وهى توجهات ثار ضدها الشعب المصرى.

واللافت للنظر أن خالد عبدالعزيز لا يؤمن بسياسة الأمر الواقع، أو السير فى نفس الاتجاه السهل، ففى الوقت الذى انشغل فيه البعض بالبحث عن طرق للسيطرة على هذه الطاقات الهائلة، ومنع وقوعها تحت سيطرة الأفكار الإرهابية، ذهب البعض إلى القول بضرورة إحكام القبضة الأمنية على الجامعات، من خلال نشر كاميرات مراقبة، وشركات الأمن الخاصة، والتشدد فى عمليات تفتيش الطلاب خلال دخولهم الحرم الجامعى، إلا أنه كان له رأى آخر يتمثل فى التحرك بشكل مختلف، وفى اتجاه معاكس، وذلك بتبنيه فكرة الاقتراب من الشباب، ودراسة نفسيتهم، ومعرفة عوامل إحباطهم، والدافع الذى يجعلهم يشاركون فى عمليات العنف بالجامعات وغيرها، وذلك من أجل الوصول لحلول ناجعة للمشكلة، وهو الطريق الذى يتسق مع طبيعة عمل وزارة الشباب، فالوزارة مسؤولة عن رسم ملامح جيل المستقبل الذى سيتولى حكم مصر وإدارة شؤونها فى جميع المجالات، فهى الوزارة المنوط بها التعامل مع الشباب، وتوفير رعاية اجتماعية وتهيئة نفسية كافية لهم للانغماس بشكل طبيعى داخل قضايا الوطن، ولاستغلال طاقاتهم الإبداعية لتحل الأفكار الداعية إلى العمل والإنتاج محل تلك الأفكار الهدامة التى تحض على ممارسة العنف والتخريب.

وكان النجاح حليفه فى كل خطوة، على الرغم من أن قطاع الشباب والرياضة ملىء بـ«المطبات» والأزمات الكفيلة بإسقاط حكومة وليس إسقاط وزير.. نعم السير فى طريق الشباب والرياضة أشبه بالسير وسط حقل للألغام القابلة للانفجار، ولكنه بتوفيق من الله اجتاز أصعب المواقف.. وهنا أطالبه بأن يلتفت إلى كل ما يحيطه من قضايا تخص الشباب، حتى التى ربما تكون مجرد قضايا جانبية، لكنها فى حقيقة الأمر قد تفجر مشكلات مستعصية فيما بعد، فمعظم النار يأتى من مستصغر الشرر، خاصة أننا نحن نعيش الآن حالة من التحول أفرزها واقع مغاير، تشكلت ملامحه فى أعقاب ثورتين غيرتا الكثير والكثير من السلوكيات، فضلاً على ذلك فقد توقف فى أعقابهما أيضًا الكثير من الأنشطة.

وعلى الرغم من أن الصورة الذهنية عن وزارة الشباب والرياضة أنها مجرد وزارة عادية ليس لها أى أهمية استراتيجية، فإن هذا الأمر تغير تمامًا، حيث تحولت على يد المهندس خالد عبدالعزيز إلى أكبر من ذلك بكثير لتصبح فى صدارة الوزارات المرتبطة بمفهوم الأمن القومى الشبابى الذى يعتبر بحق بمثابة قاطرة المستقبل والتنمية الشبابية من خلال عدالة تكافؤ الفرص بين شباب مصر، منطلقًا من قناعة بأن الأفكار تواجه بالأفكار، والحوار يواجه بالحوار، والعنف يواجه أيضًا بالعقل والمنطق.

وأهم ما يبرز دور المهندس خالد عبدالعزيز فى المرحلة الحالية، ويجسد بشكل لافت للنظر رؤيته بشأن أن الشباب تقع على عاتقهم مسؤولية كبرى فى تشكيل ملامح مصر التى نحن مقدمون عليها، فالشباب- وكما أشار الرئيس السيسى فى أكثر من مرة- عليهم دور كبير فى المرحلة الحالية، لذا فإنه ليس غريبًا أن نرى المهندس خالد عبدالعزيز يقوم بتنفيذ خطة بعيدة المدى لتفعيل دور الشباب، وتمكينهم من المواقع القيادية فى الدولة، وتأهيلهم لممارسة العمل العام، وخير مثال على ذلك ما فعله داخل وزارته حيث قام بتعيين 6 شباب من العاملين بالوزارة لشغل وظيفة معاون وزير الشباب والرياضة، وذلك وفقًا لقرار رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب رقم 1592 لسنة 2014 بشأن اختيار معاونين لجميع الوزراء.

ولم يتوقف اهتمام وزير الشباب والرياضة عند هذا الحد، فهو قد وضع على عاتقه تكريس كل إمكانات وزارة الشباب والرياضة من أجل وضع الشباب فى المكانة التى يستحقونها، وذلك بتأهيلهم للاضطلاع بالدور المنوط بهم فى الانتخابات البرلمانية المرتقبة، حيث تسيطر مجموعة من الأفكار السياسية على الساحة الآن، الأمر الذى دفع العديد من الشباب إلى تجنب المشاركة السياسية، مما ينذر بعواقب وخيمة على المجتمع، خاصة أن الشباب هم المستقبل. ومن هنا ظهرت ملامح الفكر الذى يستند إليه خالد عبدالعزيز فى وزارة الشباب والرياضة، من حيث توفير الرعاية السياسية للشباب، من خلال إقامة المؤتمرات والندوات فى كل أنحاء الجمهورية، وتعريف الشباب بمعانى المصطلحات السياسية الدارجة، والفروق بين طبيعة الأحزاب السياسية المختلفة، وأشكال نظم الحكم المختلفة، وتدريبهم على المشاركة فى العملية السياسية سواء كمرشحين أو ناخبين صالحين، لأنه يعى جيدًا أن دور وزارة الشباب والرياضة هو توعية الشباب بأهمية صوتهم الانتخابى، وأهمية مشاركتهم فى العملية الانتخابية، وأن الصوت الانتخابى الواحد قد يحدد مستقبل الوطن بأكمله، وهذا الأمر لن يتأتى إلا بوجود إرادة سياسية لدى الدولة لتوعية المواطنين بأهمية دورهم.

وهذا فى رأيى لم يأت من فراغ، إنما نتيجة فلسفة استندت إلى توفير الخدمات التى كانت تستخدمها من قبل تلك التنظيمات الإرهابية التى أفسدت أفكار طلاب الجامعات، مثل المؤتمرات، والندوات، وإقامة مراكز الشباب وغيرها.. وهذه فى رأيى هى «الخلطة السرية» التى جعلت المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، يحظى بهذا القدر من الأهمية بين وزراء حكومة المهندس محلب، فقد استهل عمله فى هذه الوزارة المهمة بالعمل على إعادة هيكلة إدارات رعاية الشباب بالجامعات المختلفة بعد أن أصبحت لا قيمة لها فى معظم الجامعات، والتى كانت هى الثغرة الخطيرة التى تتسلل منها جميع الحركات الهدامة إلى عقول طلبة الجامعات، وتسيطر على أفكارهم، فبعد أن فقدت إدارات رعاية الشباب دورها فى العناية بالطلاب المحتاجين ماديًا، قامت جماعات العنف والتطرف على الفور بتوفير البديل من خلال «الأسر الطلابية» التى تحولت إلى معامل لتفريخ العناصر المتطرفة.

وكأن القدر أراد أن يضع المهندس خالد عبدالعزيز داخل دائرة الملفات الشديدة الحساسية، فهل يمكن أن ينكر أحد أن الرياضة فى مصر، وعلى وجه الخصوص فى مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، قد تبدل حالها من النقيض إلى النقيض، وأصبحت تمثل عبئًًا ثقيلاً على الدولة وأجهزتها الأمنية، وهو ما يزيد من أعباء المهندس خالد عبدالعزيز، فما أن تولى الوزارة حتى وجدناه على تلك الحالة من الحركة الدؤوبة، والسعى فى جولات وزيارات ميدانية للتعرف على مشاكل الأندية ومراكز الشباب وجميع المؤسسات الرياضية، ليس هذا فحسب، بل إنه خلق حالة من الشفافية فى تعامل وزارة الشباب والرياضة مع الأندية والاتحادات الرياضية من منطلق إيمانه بأن وزارة الشباب والرياضة ليست مهمتها التدخل فى شؤون الأندية، أو التحكم فى أمور تتعلق بالنواحى الفنية للرياضات الأخرى، وأن الوزارة ليست وزارة كرة القدم فقط، بل هى وزارة لاحتضان جميع الألعاب الرياضية والأنشطة التى من شأنها صقل مواهب الشباب فى مختلف الرياضات.

هكذا كنت، ومازلت، وسأظل أرى المهندس خالد عبدالعزيز الذى استطاع أن يبهرنى بهمته ونشاطه، والذى يدفعنى لأن أكرر ما قلته عنه من قبل، أنه يستحق أن يكون فى موقع أكبر للاستفادة من رؤاه وأفكاره من أجل خدمة الوطن بشكل أشمل وأعم، فالله سبحانه وتعالى قال فى سورة فاطر «وَهُوَ الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ» صدق الله العظيم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة