أجواء تفاؤل اتسمت بها "عودة الروح" إلى أحد أهم الصروح الثقافية- رغم بعض الأخطاء التقنية وإشارات فى خطاب الوزير جابر عصفور كان يجب صياغتها بأسلوب أقل حدة- وهو "المسرح القومى" بكل عراقة التاريخ الذى شهدته كواليس وخشبات هذا المسرح. لعل أرقى مراسم الافتتاح وأكثرها نُبلا هى تكريم رموز الجيل الماضى فى مجالى الفنون والثقافة.. نقطة تُحسب لوزير الثقافة، كما يؤخذ عليه عدم دعوة الوزير الأسبق فاروق حسنى للمشاركة فى مثل هذه المناسبة.. أو الذهاب– ولو لدقائق- إلى افتتاح المعرض الذى أقامه حسنى مؤخرا.
بما أن "الهم" السياسى أصبح شريكا يقاسمنا حتى فناجين قهوة الصباح!!، استدعى هذا التكريم مبدأ التعامل أو الحُكم على شخصيات لمجرد كونها تصدت للعمل العام فى الماضى، على الأقل تجنبا للوقوع فى دوامة تكرار الأخطاء التى نتج عنها تقليص فداحة جرائم إفساد الحياة السياسية والاقتصادية إلى اتهامات جنائية مثل إعطاء أوامر بقتل الشباب فى 25 يناير، أو بناء بعض القصور!!.. كلها اتهامات من شبه المستحيل إثباتها بأدلة موثقة
أمام المحكمة مع وجود كل الأدلة والمستندات تحت يد النظام الأسبق.
"هوجة" تعليق المشانق لكل الأسماء التى تصدت للعمل العام فى عهد مبارك- وليتها عُلِّقت بناء على وعى مدروس ومنطقى- مع كل التخبط الذى أحاطها.. إلى درجة إطلاق البعض صفة "الفلول" على شخص مثل عمرو موسى دون أن يزعجوا أنفسهم بالرجوع إلى موقف تعرض خلاله موسى إلى تلميحات مهينة من مبارك فى حضور رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى، لمجرد إشادة الأخير بجهود موسى الدبلوماسية.. الحادثة وردت تفاصيلها فى كتاب محمد حسنين هيكل (مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان)، وهو ما حدث مع شخص آخر حقق عبر تاريخه مكانة دبلوماسية وثقافية هو د. مصطفى الفقى لمجرد أنه عمل خلال فترة من حياته فى الرئاسة!!.
فاروق حسنى نموذج آخر من عالم الثقافة.. تشهد له إنجازات قام بها خلال توليه منصب وزارة الثقافة.. أيضا هناك أخطاء تُحسب عليه.. الرجل فى إطار وظيفته الأكاديمية أخطأ وأصاب، لكنه عمل ولم يبتذل وجوده عن طريق استغلال موقع السلطة فى تدمير الحياة السياسية وعقد التحالفات المشبوهة مع الشيطان.. بل للأسف من قاموا بهذه الأدوار المشبوهة، هم من يحاولون العودة إلى الأضواء دون ذرة خجل!!.
إعطاء هذه الأسماء- وغيرها- حقها من الإشادة لا يستدعى كل الحساسية المفرطة التى يشعر بها بعض المسئولين تجاههم.. خصوصا أن الخشية من عودة الأسماء التى أجرمت وأفسدت الحياة السياسية لا تحسمه هذه الهواجس المبالغ فيها.. إنما وعى شعب قد تكون "بوصلته الفطرية" أضلّت الاتجاه به مرة.. لكنها من المستبعد أن تتكرر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة