تحليل سياسى نشرته صحيفة "واشنطن بوست" حول الثورات العربية والتطور الخطير الذى نتج متمثلا فى "عسكرة العالم العربى"، محذرا من ان عودة حكم الجيش فى مصر، وتعزيز قوة الجيش فى الجزائر، واستعداد الجيش التونسى لدور جديد مع ترسيخ قوة الجيش الليبى واليمنى قد يمتد تأثيره إلى منطقة الخليج العربى.. اتجاه التحليل-ضمن مئات غيره- يُشير إلى أن دوائر صُنع القرار الغربى والأمريكى-بما فيها الإعلام- تأبى الإطلال على الشارع العربى إلا عبر نوافذ مكاتبها وهى اشبه بالصناديق المغلقة، حتى اكتسبت نظرتها المحدودة ذات السمة التى ترفض تجاوز الاستيعاب خارج منظومة التقاليد الجامدة التى تتبناها ويأتى على رأسها الصلة بين المؤسسة العسكرية وشعوبها تحديدا فى المنطقة العربية.
دول أوروبا وضعت لنفسها حدود فاصلة بين صُنع القرار السياسى والمؤسسة العسكرية بحكم عدة عوامل تاريخية، منها التأثر بالثورات التى قامت بها( فرنسا).. رغم أنها عاشت أزهى عصورها فترة حكم ديجول.. أو دول أخرى قامت بها ثورات على الفاشية بغض النظر عن الثوب الذى ارتدته هذه الفاشيات كغطاء لها..أو سقوط جدار بين نظامين سياسيين يمثلان طرفى النقيض (ألمانيا).. لذا جاءت ردود افعال هذه الدول الترقب بحذر تجاه تدخل جيوش المنطقة العربية لإنقاذ بلادها من هاوية الفوضى والدمار التى ساهمت أمريكا ودول الاتحاد الأوروبى إلى حد كبير فى احداثهما عبر التدخل غير المدروس.
رد الفعل الأمريكى كان أكثر حدة وتحفزا تجاه الشرارة التى انطلقت من مصر حين اختار الجيش دعم القرار الشعبى فى 30 يونيو، أمريكا لم تتجاوز نظرتها الضيقة حدود طبيعة الصلة مع مؤسستها العسكرية فى فهم تاريخ وجذور العلاقة بين الجيوش العربية وشعوبها.. الجيش الأمريكى ترجع جذور أفراده إلى بلدان مختلفة من بولندا إلى المكسيك وألمانيا وجنوب أفريقيا وغيرها.. بعد تأسيس أمريكا منذ 200 عام اعتمادا على روابط اقتصادية.. فى هذا الإطار لم يكن غريبا ظهور مؤسسات عسكرية تعتمد على المرتزقة لعل أشهرها "بلاك ووتر".. لكن الأغرب تبنى نفس هذه النظرة فى فهم ارتباط الجيوش بأوطانها عبر آلاف السنين الحافلة بمواقف تصدت فيها هذه الجيوش لإنقاذ بلادها.
الحواجز التى يضعها النهج الأمريكى بين الشعوب وجيوشها لا تصلح نموذجا فى مصر التى يرجع تاريخ التحام شعبها مع الجيش إلى ما قبل ثورة عرابى.. ولا على اليمن وليبيا التى تجاوزت جيوشها فى لحظة الحسم الجذور القبلية التى تنتمى إليها وسارعت إلى إنقاذ بلادها من الانقسام والفوضى.. كما يحدث الآن من دعم عربى لقوات الجيش الليبى بقيادة اللواء حفتر، أو إعلان كبار قادة الجيش اليمنى تشكيل هيئة وطنية للحفاظ على آمن البلاد والقوات المسلحة. الجيش العراقى، بكل عراقة تاريخه الوطنى، الآن فى مواجهة شرسة مع تنظيم وحشى رغم كل محاولات التفتيت التى تعرض لها بداية من إقحامه فى حروب فرضتها مراهقات صدام حسين السياسية. إلى قرار بول بريمر حل الجيش عام 2003، وانتهاء بمحاولات رئس الوزراء السابق نورى المالكى تحويل هذا الكيان الوطنى إلى ميليشيات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة