رأيى أن المهندس أحمد عز يجب أن يصدر فورًا بيانًا عاجلًا وقاطعًا وسريعًا بأنه اعتزل العمل السياسى فى الوقت الراهن، ولا ينوى الترشح فى انتخابات مجلس النواب، وأن يتفرغ لإدارة مشروعاته واستثماراته، وإن لم يفعل ذلك فمنصات إطلاق الصواريخ جاهزة لاغتياله سياسيًا واقتصاديًا، ولن يحصد بلح الشام ولا عنب اليمن.
أولًا: «عز» ليس شخصًا عاديًا، بل كان أمينا للتنظيم فى الحزب الوطنى المنحل بحكم قضائى واجب الاحترام، ولا يصح التذرع بأنه ليس محظورًا قانونيًا ودستوريًا، فالأفضل له هو «العزل الاختيارى» بعيدًا عن إغراءات الأنصار والمؤيدين والمنافقين الذين يزينون له طريقًا صعبًا وشاقًا ومليئًا بالأشواك والعقبات.
ثانيًا: «عز» هو المسؤول الأول عن كارثة انتخابات 2010 التى كانت سببًا رئيسيًا فى انهيار نظام مبارك، وعودته للحياة السياسية الآن تفتح هذا الملف الشائك فى وقت غير مناسب، وتستعد فيه البلاد لانتخابات مجلس النواب، ولا يصح التطلع إلى المستقبل بالعودة إلى الماضى بجراحه التى يجب أن ننكأها.
ثالثًا: مازالت ملفات عز القانونية مفتوحة ولم تغلق بعد، وأمامه مشوار طويل بعد حكم محكمة النقض بإعادة محاكمته، ومن الأحرى أن يهتم بغلق الملف، وتصحيح موقفه القانونى، والسعى وراء البراءة القانونية قبل البراءة السياسية.
رأيى الشخصى أن المهندس أحمد عز لا يفكر فى الترشح بعد تجربة قاسية ومريرة فى السجن، والتشويه، والهجوم، وتحميله أوزار 30 سنة من حكم الرئيس الأسبق مبارك.. ومشكلة عز أنه كان فى صدارة الصفوف، فجرفته أمواج الغضب الشعبى فى 25 يناير، وكانت الأصوات عالية وزاعقة لم تسمح له بالدفاع عن نفسه، أو أن يعترف بما اعترى التجربة من أخطاء، وأعتقد أن ذكاءه السياسى يمنعه من الإقدام على خطوة تعيده إلى نقطة الصفر، فى توقيت قد لا يستطيع فيه العودة إلى المسرح مرة ثانية.
أعداء «عز» كثيرون جدًا، وهم الذين يتبوأون الساحة السياسية والإعلامية، ولن ينسوا له أنه أزاحهم جميعًا من برلمان 2010 فى انتخابات إقصائية لم تحدث فى تاريخ مصر، وشهدت إزاحة لأحزاب المعارضة ورموز العمل السياسى بصندوق الانتخابات الذى شابته اتهامات التزوير و«التقفيل»، ولم يكن راضيًا عن ذلك قطاع كبير من أعضاء الحزب الوطنى أنفسهم، فقد كانوا يخططون للحصول على %70 من مقاعد البرلمان، فجاء لهم عز بـ 99 %، وكأن الاتحاد الاشتراكى العربى عاد فى ثوب جديد.
رأيى أن ذكاء «عز» يمنعه من دخول معركة تكسير عظامه، ولعل ليالى الزنزانة المظلمة الحالكة الطويلة تحتم عليه ألا يلدغ من الجحر مرتين، واللدغة الجديدة هى لدغة القبر، ولن يجد من يدافع عنه أو حتى يختلق له الأعذار بعد أن أثبتت التجارب فعلًا وقولًا أن «من يقع ما أكثر سكاكينه»، وأن «كدابين الزفة» الذين قبلوا الأيادى هم أول من يتنكرون ويطعنون فى الظهر والبطن، والنقطة الأكثر أهمية هى أن نظام الحكم الحالى بما يتمتع به من تأييد شعبى جارف أعلن عزمه عدم إعادة الماضى بسياساته ورموزه، رغبة فى لم الشمل واحتضان الجميع، ومجرد ظهور «عز» فى المشهد الانتخابى يتعارض مع هذه الرغبة، لأنه لم يكن عضوًا فى الصفوف الأخيرة، بل اللاعب الرئيسى والمحرك الفعال.
لا يصح أن يصمت «عز» عن الأخبار التى تتناول عزمه خوض الانتخابات، فهذا ليس وقت بالونات الاختبار، وكشف النوايا، واجترار الأحلام.. إنه وقت تعاطى الحقيقة، والتعايش مع المتغيرات الهائلة التى تهب على البلاد، وأن يقول بملء فمه «لقد اعتزلت السياسة»، قبل أن تدخل مرماه أهداف كثيرة، وليختر بنفسه «العزل الاختيارى» بدلًا من «العزل السياسى».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة